لمحة عن نسب الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام
الحمد لله الذي استخرج من جواهر خلقه درته المكنونة، نحمده على فضله الزائد والمعونة ونشكره وحق له أن يشكر على نعمه المشحونة، ونشهد بأن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلهاً تفرد في ملكه وسلطانه وتحبب إلى خلقه بجوده وإحسانه، وأشهد بأن محمداً عبده ورسوله وحبيبه وخليله وصل الله عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وأحبابه وسلم تسليماً كثيراً
نسبه الكريم(ص)
هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ونسبه إلى عدنان متفق عليه من غير خلاف، وعدنان من ولد اسماعيل بن ابراهيم الخليل عليه السلام من غير خلاف، ولكن الخلاف في عدة الآباء الذين بين عدنان واسماعيل عليه السلام فعد بعضهم نحو 40 رجلاً وعد بعضهم 7 رجال.
ونسبه من جهة أمه هو: محمد بن آمنه بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن حكيم فتجتمع معه في جده حكيم
تزوج عبد الله والد النبي(ص) بآمنه بنت وهب وكان عمره 18 سنة، وهي يومئذ من أفضل نساء قريش نسباً وموضعاً، ولما دخل عليها حملت برسول الله(ص) وتوفي والده عبد الله بعد الحمل بشهرين ودفن بالمدينة عند أخواله بني عدي بن النجار.
ولد النبي(ص) عام الفيل يوم الأثنين لأثني عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول ولأربعين سنة خلت من ملك كرسي أنو شروان ويوافق شهر أبريل سنة 571 ميلادية لميلاد سيدنا عيسى المسيح عليه السلام، وكانت ولادته في دار ابي طالب بشعب بني هاشم بمكة، ولما ولد أرسلت أمه لجده عبد المطلب تبشره بولادتها، فأقبل مسروراً واسماه محمداً
من جهة الرضاعة كان من نصيب حليمة السعدية بنت أبي ذؤيب السعدية وأقام عندها في بني سعد 4 سنوات وردته إلى أمه حين شق صدره الشريف(ص).
وخرجت به والدته إلى المدينة تزور أخواله، فتوفيت بالأبواء وهي راجعة إلى مكة وله من العمر ستة أعوام وثلاث أشهر وعشرة أيام، وقبرها هناك معروف فلما دفنت حملته أم أيمن إلى مكة بعد وفاة أمه بخمسة أيام، وتوفي جده عبد المطلب وله من العمر ثمان أعوام وأوصى به جده عبد المطلب إلى ابنه أبي طالب، وشهد به حرب الفجار وهو ابن 20 سنة وقيل أقل من ذلك، وخرج معه إلى بلاد الشام وهو ابن اثنتي عشر سنة وخرج إلى الشام في تجارة للسيدة خديجة(ر) وهو ابن خمس وعشرين عاماً ومعه غلامها ميسرة، ثم تزوج بخديجة(ر) بعد ذلك بشهرين وأيام[1].
أولاده (ص):
أولهم القاسم وبه يكنى، مات طفلاً، ثم زينب ثم رقية ثم أم كلثوم ثم فاطمة الزهراء ثم ولد عبد الله ( الطيب الطاهر) لقبان لعبد الله، وكان هؤلاء من السيدة خديجة(ر)، ثم ولد له(ص) ابراهيم من زوجته ماريا القبطية، ومات طفلاً وكل هؤلاء أولاد النبي(ص) ماتوا قبله إلا السيدة فاطمة فقد ماتت بعده لسته أشهر[2]
أعمامه (ص):
الحمزة والعباس وهما اللذان أسلما فقط، وأبو طالب واسمه عبد مناف وأبو لهب واسمه عبد العزى والزبير وعبد الكعبة والمقوم وضرار وقثم والمغيرة ولقبه حجل، والغيدق واسمه مصعب.
عماته (ص):
صفية أم الزبير بن العوام وعاتكة وبرّه وأروى وأميمة وأم حكيم البيضاء أسلم منهن صفية واختلف في اسلامها عاتكة وأروى.
زوجاته (ص):
خديجة بنت خويلد القرشية تزوجها قبل النبوة ولها أربعون سنة ولم يتزوج عليها حتى ماتت وكانت وفاتها قبل الهجرة بثلاث سنين ثم سودة بنت زمعة ثم عائشة بنت أبي بكر الصدّيق ولم يتزوج بكر غيرها ثم حفصة بنت عمر بن الخطاب ثم زينب بنت خريمة من بني هلال ثم تزوج أم سلمة واسمها هند القرشية المخزومية وهي آخر نساءه موتاً ثم تزوج زينب بنت جحش وهي بنت عمته أميمة ثم تزوج جويرية بنت الحارث من بني المصطلق ثم تزوج أم حبيبة واسمها رملة بنت أبو سفيان ثم صفية بنت حيّ بن أخطب سيد بني النضير من اليهود ثم ميمونه بنت الحارث وهي آخر من تزوج بها وهناك من خطبها ولم يتزوجها وقد وهبت نفسها له ولم يتزوجها.
زوجات الرسول (ص):
- خديجة بنت خويلد(ر): أول من آمن بالله ورسوله، دفنت بالحجون ولها من العمر خمس وستون سنة، قال رسول الله (ص): “سيدة نساء الجنة مريم ثم فاطمة ثم خديجة ثم آسية” رواه الترمذي وابن حيان
- سؤدة بنت زمعه(ر): تزوجها (ص) بعد موت خديجة قبل العقد على عائشة وفي ذلك خلاف، توفيت في خلافة عمر >.
- عائشة بنت أبي بكر(ر): تزوجها قبل الهجرة بثلاث سنين وهي بنت ست سنين وابتنا بها وهي بنت تسع سنين بالمدينة وتوفيت سنة ثمان وخمسين للهجرة وأمرت أن تدفن ليلاً، دفنت بالبقيع وصلّ عليها أبو هريرة وقيل له عليه الصلاة والسلام من احب النساء،…؟ قال: عائشة وقيل فمن الرجال، قال: أبوها”[3]
- حفصة بنت عمر بن الخطاب (ر): تزوجها (ص) سنة ثلاث للهجرة، وتوفيت سنة خمس وأربعين، وفي ذلك خلاف.
- زينب بنت خزيمة(ر): تزوجها(ص) سنة ثلاث ولم تلبث عنده إلا شهرين أو ثلاثة وتوفيت في حياته(ص) هي هلالية وهي أم المساكين
- أم سلمة بنت أبي أمية(ر): كانت هي أول من هاجر إلى المدينة من الظغائن فتزوجها رسول الله (ص) سنة اثنين بعد وقعة بدر وتوفيت في عهد إمارة يزيد بن معاوية
- زينب بنت جحش(ر): أمها أمية بنت عبد المطلب عمة رسول الله(ص) تزوجها رسول الله(ص) سنة خمس من الهجرة وقيل ثلاث وكانت أول نساء النبي (ص) وفاة بعده ولحوقاً به وصلّ عليها عمر بن الخطاب>، توفيت زينب سنة عشرين للهجرة وهي أول من غطى نعشها بعد فاطمة
- جويرية بنت الحارث(ر): كانت جويرية أعظم إمرأة بركة على قومها وقيل تزوجها رسول الله (ص) سنة خمسة بعد الهجرة وتوفيت سنة 56 للهجرة
- أم حبيبة بنت أبي سفيان(ر): اسمها رملة، وقال أبو عبيدة: كان تزوجها النبي (ص) إليها في سنة ستة من التاريخ وتوفيت سنة أربعين للهجرة
- صفية بنت حييّ(ر): من بني اسرائيل من سبط هارون وتزوجها(ص) سنة سبع للهجرة كانت حليمة عاقلة توفيت سنة خمسين هجرية في زمن معاوية
- ميمونة بنت الحارث(ر): سماها صلّ الله عليه وسلم ميمونة بعد أن كان برة، تزوجها (ص) سنة سبع بعد الهجرة وماتت سنة 51 للهجرة وصل عليها عبد الله بن العباس
- أسماء بنت النعمان من بني الجون: عقد عليها ولم يدخل بها(ص)، وزعم بعضهم أنها قالت له: ” أعوذ بالله منك” فقال(ص): “ قَدْ عُذْتِ بِمُعَاذٍ، وَقَدْ أَعَاذَكِ اللَّهُ مِنِّ ” فطلقها فكانت تسمي نفسها الشقية.
- أم شريك بنت ذودان(ر): اسمها غزية، روي أنها وهبت نفسها للنبي (ص) تزوجها ولم يدخل بها لأنه (ص) كره غيرة نساء الأنصار
- خولة بنت الهذيل بن هبيرة(ر)، تزوجها (ص) فماتت في الطريق قبل وصولها إليه فرضى الله عنها وعن أزواجه الطيبات الطاهرات.
واللائي قبض عنهن بلا خلاف في ذلك تسع حرائر وأم ولد:
عائشة – حفصة – أم حبيبة – سودة – أم سلمة – زينب – جويرية – صفية وميمونه
أولاده (ص):
- ابراهيم: وأمه ماريا القبطية، ولد في المدينة سنة 8 للهجرة ومات بها سنة عشر وهو ابن سبعة عشر شهراً أو ثمان عشر وكسفت الشمس يوم مات، ولما مات قال(ص): ” إن له مرضعاً في الجنة” رواه مسلم.
- الطيب: اختلف في وجوده هل هو في الجاهلية أو في الاسلام ؟ هل هو عبد الله أو غيره؟ أمه خديجة ولد بمكة وتوفي فيها، وقيل أنه هو الطيب الطاهر واسمه عبد الله، وقيل: إن الطيب والمطيب ولدا في بطن واحد والله سبحانه وتعالى أعلم.
- الطاهر: اختلف في وجوده وعلى القول به فأمه خديجة ولد بمكة ومات بها وقيل هو عبد الله وعلى هذا فاختلف فيه هل هو من خديجة أو من عائشة، وقيل الطاهر والمطهر ولدا في بطن واحد. رواه مسلم.
- القاسم: ولد بمكة المكرمة قبل النبوة ومات بها وهو ابن سنتين وأشهر وقيل عمره سبعة أيام وقيل سبعة أشهر، وقيل عام حتى مشى، وأمه خديجة بنت خويلد وقيل إنه لم يكن له ولد اسمه القاسم وإنما سمي عليه الصلاة والسلام بأبي القاسم لأنه يقسم بين الناس، وهذا قول مردود بل كان القاسم أول أولاده من خديجة وبه كان يكنى.
- زينب: أول من ولد من البنات تزوجها أبو العاص بن الربيع وأمها خديجة ولدت له علياً و أمامه وهي التي حملها (ص) بالصلاة.
- رقية: أمها خديجة تزوجها عتبة بن أبي لهب وأسلمت حين أسلمت أمها خديجة، ثم تزوجها سيدنا عثمان >.
- أم كلثوم(ر): أمها خديجة (ر) تزوجها عثمان بن عفان > وماتت عنده وقال سيدنا محمد (ص): ولو كانت عندي ثالثة لزوجتها عثمان، وفي رواية ولو كان لي عشرة لزوجتهن عثمان[4].
- فاطمة الزهراء(ر): وهي آخر بنات النبي (ص) وأحبهن إليه، ولدت سنة إحدى وأربعين من مولده وقيل قبل النبوة بخمس سنين وماتت بعده بستة أشهر. رواه بخاري، تزوجها سيدنا علي كرّم الله وجهه وولدت له الحسن والحسين وزينب ومحسن وأم كلثوم التي تزوجها عمر بن الخطاب >.
وبنيت الكعبة، ورضت قريش فيها بحكمه في وضع الحجر وهو ابن خمس وثلاثين عاماً.
وبعث (ص) إلى الثقلين الإنس والجن وهو ابن أربعين عاماً، وتوفي عمه أبو طالب وقد قارب الخمسين سنة، وتوفيت السيد خديجة(ر) بعد أبي طالب بثلاثة أيام، فسماه الرسول(ص) عام الحزن، لأن أبا طالب كان يحميه إذا خرج إلى طريق ممن يؤذيه، وخديجة (ر) تصدقه إذا أوى إلى منزله وتسليه عن كل ما يجري عليه، وتقول: “أنت رسول الله حقاً”، صلّى الله عليه وسلم وعلى آله الطيبين الطاهرين، ورضي الله عن التابعين وتابعي تابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.
وأسري به(ص) إلى بيت المقدس على البراق وإلى السموات في المعراج بجسده في اليقظة في ليلة، بعد سنة ونصف من رجوعه إلى مكة، لأنه(ص) كان قد خرج بعد موت خديجة بثلاثة أشهر إلى الطائف، ثم رجع إلى مكة، ثم هاجر ومعه الصديق صاحبه، وخلّف علياً كرّم الله وجهه على فراشه بمكة، ليرد ودائع كانت عنده ويقضي ديونه ويلحق به وكانت هجرته(ص) وهو ابن ثلاث وخمسين سنة، ودخل المدينة يوم الأثنين لأثنتي عشر ليلة خلت من ربيع الأول وبدأ التأريخ الاسلامي من ذلك، ثم تم تحويله إلى المحرم، وغزا(ص) تسع عشرة غزوة وقيل ستة وعشرين والغزوات التي قاتل فيها(ص) تسع غزوات، ولم يحج من المدينة غير حجة الوداع سنة عشرة للهجرة.

حياته (ص) ما قبل البعثة:
في يوم الأثنين 12ربيع الأول من عام 52 ق.هـ الموافق 16 أيار571م وهو عام الفيل ولد الحبيب محمد رسول الله(ص)[5]، وصح عنه أنه(ص) قال: أنا دعوة أبي ابراهيم، وبشرى أخي عيسى ورأت أمي حين حملت بي أنها خرج منها نور أضاءت له قصور الشام [6]، ولد من أبوين شريفين عبد الله بن عبد المطلب وآمنة بنت وهب، ويقول(ص): “إن الله اصطفاني من بني هاشم”[7] فالله عز وجل اصطفاه من أزكى القبائل وأفضل البطون وأطهر الأصلاب، ويقول(ص): لي خمسة أسماء أنا محمد وأحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي وأنا العقب[8]، مات والده عبد الله وهو جنين في بطن أمه، فولد يتيماً وكانت عادة العرب أن تسترضع أولادها في البادية لينشئوا أصحاء فصحاء، فدفعت به أمه آمنة بنت وهب بابنها محمد(ص) إلى حليمة السعدية لترضعه في منازل قومها بني سعد قرب الطائف، وخلال فترة رضاعته عند حليمة وقعت حادثة شق الصدر التي تدل على عناية الله وسبحانه وتعالى به منذ طفولته وإعداده إعداداً ربانياً خاصاً لتحمل أعباء الدعوة، توفيت أمه آمنة وهو ابن ست سنين في طريق عودتها من يثرب من عند أخواله بني النجار فأقام عند جده عبد المطلب بن هاشم حتى الثامنة[9]، ولما بلغ الثامنة توفي جده عبد المطلب فضمه عمه أبو طالب إلى أولاده الأثني عشر فكان أحسنهم خلقاً وألطفهم معشراً[10]، عمل برعاية الغنم كسائر الأنبياء عليهم السلام رغبة منه في رفع بعض ما يمكنه رفعه من مؤونة الانفاق عن عمه لأنه كان كثير العيال وفي ذلك تعليم أن خير ما يكسبه الإنسان ما اكتسبه من كد يمينه[11]، وعمل بعد ذلك في تجارة قريش فخرج مع عمه أبو طالب إلى الشام وفي بصرى الشام لقيه الراهب بحيرا، فلما رأى النبي وعرف نسبه ووصفه قال لعمه أبي طالب: إرجع بابن أخيك إلى بلده، واحذر عليه من اليهود، فوالله لئن رأووه، وعرفوا منه ما عرفت ليبلغنه شراً، فإنه كائن لابن أخيك هذا شأن عظيم[12].
ولقد سمعت خديجة(ر) بأمانة النبي(ص) وحسن أخلاقه ومهارته في التجارة وكانت امرأة شريفة ذات مال وجاه فأرسلته في تجارتها فأنعم الله عليه بالربح والخير الكثير، فعاد بتجارة وافرة الربح لم يعد من قبله بمثلها، فأعجبت السيدة خديجة (ر) بشخص الرسول (ص) لامانته وأخلاقه وعفة نفسه ونقاء سريرته وحسن معاملته ومكانته بين قومه، فأرسلت إليه تخطبه ووافق الرسول(ص) على الاقتران بها وكان لعمه أبي طالب دور كبير في زواجه(ص) وعقد أكرم وأنجح زواج في الدنيا بين أكرم الخلق(ص) وخديجة(ر)، فكانت أكرم نساء النبي وأعظمهن واحتلت من قلبه موقعاً لم تمحه الأيام حتى وفاته لقوله (ص): “خير نساء العالمين مريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد ولم يتزوج عليها حتى توفيت، على مدى أربعون عاماً عاشها الرسول(ص) قبل البعثة أعد الله رسوله إعداداً خاصاً لحمل الرسالة وتبليغ الدعوة، فصان أخلاقه أن تختلط بأخلاق الجاهلية، فلم يسجد لصنم قط ولم يشرب خمراً قط وتعفف عن كل ما يمس شرف الرجل أو خلقه أو أمانته أو مروؤته[13]، وأعده عز وجل إعداداً روحياً في مدرسة حراء وهو غار قرب مكة يقع في جبل أبي قبيس، فكان الرسول(ص) يخلو فيه بربه عز وجل، فيطيل فيه العبادة والتأمل، متفكراً في آلاء الله ونعمه وفي جلالة ربه وعظمته وخاصة في شهر رمضان، وكانت بعض خلواته تمتد حتى الشهر[14].
ما قبل الهجرة 1-12 ق.هـ
السنة الأولى للبعثة: 12ق.هـ:
أول ما بدأ به الرسول(ص) من الوحي الرؤيا الصادقة في يوم الاثنين 17رمضان 12 ق.هـ الموافق 19آب 610م، كان أول نزول الوحي على النبي(ص) في غار حراء وهي ليلة القدر، وكان عمره أربعين عاماً.
السنة الثانية للبعثة 11 ق.هـ:
في شهر محرم بدأ(ص) يستعد لتبليغ الرسالة وأول ما نزل عليه سورة المزمل، لما اكتمل إعداد الله عز وجل لنبيه الكريم أنزل عليه سورة المدثر، ” قم فأنذر وربك فكبر” ومن فوره بدأ بالدعوة إلى الله عز وجل. كان أول الناس إسلاماً من النساء خديجة زوج رسول الله(ص) ومن الرجال أبو بكر الصديق > ومن الأطفال ابن عمه سيدنا علي كرّم الله وجهه، ومن الموالي زيد بن حارثة وكان مولى وخادم رسول الله، ثم تبع عثمان بن عفان والزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف وطلحة بن عبيد الله وسعد بن أبي وقاص وأبو عبيدة بن الجراح وأبو سلمة بن عبد الأسد والأرقم بن أبي الأرقم وعثمان وقدامة بن مظعون وفاطمة بنت الخطاب}.
السنة الثالثة للبعثة: 10 ق.هـ
في هذه الفترة اجتهد(ص) أن يخفي أمر دعوته عن المشركين واختار(ص) دار أحد أشراف مكة ( الأرقم بن أبي الأرقم ) ليلتقي النبي (ص) بالمسلمون.
السنة الرابعة للبعثة 9 ق.هـ
استمرت دعوته(ص) سرية ثلاث سنوات أسلم خلالها حوالي أربعين رجلاً ثم جاء الأمر الإلهي بإعلاء الرسالة لقوله سبحانه وتعالى: وأنذر عشيرتك الأقربين الشعراء 214، فدعا رسول الله(ص) قومه إلى طعام وأبلغهم رسالة ربه وعرضوا على الرسول(ص) المال والنساء والملك فأبى، وعرضوا عليه أن يعبد آلهتهم عاماً ويعبدوا إلهه عاماً فأبى ونزل في الرد على أفكهم قوله سبحانه وتعالى: “قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون…”، لقد كان موقفه(ص) من إغراءات قريش ومن افتراءاتها وصبره في الله دليلاً ساطعاً على صدق الرسول، إذ لم تكن من دوافعه الرغبة في السيادة أو الملك أو الشهرة أو غير ذلك من متاع الدنيا.
السنة الخامسة للبعثة 8 ق.هـ:
عندما اشتد أذى قريش للمسلمين ونالت كثيراً منهم بالأذى اذن الرسول(ص) للمسلمين بالهجرة الأولى إلى الحبشة وكانت أول هجرة في الإسلام وبدأت في شهر رجب من هذه السنة وكان عدد المسلمين في الهجرة الأولى 12 رجلاً واربعة نسوة، ثم كانت الهجرة الثانية وكان عددهم 83 رجلاً وكان أشهر من هاجر في الهجرة الأولى عثمان وزوجته رقية ابنة رسول الله(ص) ومصعب بن عمير وعبد الرحمن بن عوف وأم سلمة وزوجها }.
السنة السادسة للبعثة 7 ق.هـ:
شهدت هذه السنة اسلام اثنين من كبار رجالات قريش وهم حمزة بن عبد المطلب وعمر بن الخطاب(ر)، كما شهدت حدثاً فذاً وهو الاعلان بالقرآن وأول من جهر به الصحابي عبد الله بن مسعود> فناله من أذى قريش الكثير، وشهدت آواخر هذه السنة الهجرة الثانية للحبشة.
السنوات السابعة والثامنة والتاسعة للبعثة: 6 و5 و4 ق.هـ:
شهدت هذه الفترة حادثتين تدلان على عناد قريش واستكبارها ثم علمها علم اليقين أنه(ص) على حق، وشهدت السنة الثامنة بداية الحصار الاعلامي والاقتصادي الظالم الذي فرضته على الرسول(ص) وأصحابه واستمر الحصار في شعب أبي طالب طيلة السنة الثامنة والتاسعة وجزءاً من السنة العاشرة، وقد ولد عبد الله ابن العباس >.
السنة العاشرة للبعثة 3 ق.هـ عام الحزن:
نقض الصحيفة التي علقتها قريش في جوف الكعبة وقد أكلت الأرضة ( حشرة صغيرة ) جزءاً منها ولم يبق إلا اسم الله بمقابل هذا الحدث الطيب الذي فرّج الله على المسلمين ما كانوا فيه من الشدة حلت فاجعة كبيرة في حياة الرسول(ص) فقد توفيت زوجته خديجة(ر) بعد أن استمرت في زواجها 25 سنة مع النبي(ص) وتلت هذه الفاجعة لها أقوى الأثر على حياته وحياة الدعوة وتوفي عم النبي(ص) أبو طالب بعد وفات السيدة خديجة بنت خويلد بخمسة وثلاثون يوماً وبعد وفاته اشتد أذى قريش للنبي(ص) فكان يقول:”ما بلغت قريش مني شيئاً أكرهه حتى مات أبو طالب”.
ثم خرج النبي(ص) إلى الطائف في شوال من هذه السنة ومعه زيد بن حارثة فأعرضوا عنه وحاربوه وجعلوا أطفالهم يستهزئون به ويؤذوه بالقول والفعل، ثم عزم(ص) أن يرجع إلى مكة ليستأنف دعوته.
كان دخوله(ص) مكة في أواخر شوال وفي موسم الحج التقى بالقبائل يدعوهم إلى الله عز وجل.
السنة الحادية عشر للبعثة 2 ق. هـ
عام الإسراء والمعراج: وقعت هذه المعجزة في 27 رجب من هذه السنة على الاغلب وكانت بمثابة المواساة للرسول(ص) بعدما لقي من مقاطعة قريش ووفاة زوجته وعمه وإكراماً لصبره، وفرض على المسلمين الصلاة يوم أسري به، ثم كانت بيعة العقبة الاولى.
السنة الثانية عشر للبعثة 1 ق.هـ
أقيمت في هذه السنة أول صلاة جماعة في الإسلام وأصبحت يثرب أول مدينة إسلامية في التاريخ، وقد تم في هذه السنة بيعة العقبة الثانية.
سيرته ما بعد الهجرة( 1-11هـ)
السنة الثالثة عشر للبيعة – السنة الاولى للهجرة:
عقب بيعة العقبة الثانية قال رسول الله(ص): “قد أخبرت بدار هجرتكم وهي يثرب فمن أراد الخروج فليخرج إليها “، أخبر الرسول أبا بكراً أن الله أذن له بالهجرة فسأله أبو بكر> الصحبة وكان قد أعد لهذه اللحظة راحلتين وأمر علياً أن يبيت في فراشه ثم خرج في غفلة من القوم نائمون محجوبون عنه.، ولما خرج(ص) من مكة قال:” أما والله لأخرج منك وأني لأعلم أنك أحب بلاد الله إلي وأكرمه على الله ولولا أن أهلك أخرجوني ما خرجت”[15]، وكان عمر الرسول(ص) يوم وصل المدينة ثلاثاً وخمسين سنة[16]، وقد اتخذ عمر> يوم هجرة الرسول بداية التأريخ عند المسلمين، وفي الأشهر العشر التالية قام رسول الله(ص) بإرساء القواعد لأول مجتمع يقوم على شريعة القرآن وكان أول ما قام به:
- بناء المسجد
- المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار
- وضع دستور المدينة
- معاهدة اليهود ليأمن شرهم
- محالفة القبائل من حول المدينة
- شرع الآذان في هذه السنة
- شرع الجهاد في سبيل الله لرد العدوان ونشر الرسالة.
السنة الثانية للهجرة:
خرج الرسول(ص) في هذه السنة في عدة غزوات (ودان وبواط والعشيرة وبدر الاولى) وجميعها لم يحصل فيها قتال، في هذه السنة فرض الصيام على المسلمين وتحولت القبلة لأن النبي(ص) كان يرغب أن تكون قبلته الكعبة المشرفة فاستجاب له الله بعد سنة ونصف وأمره أن يتوجه إلى الكعبة المشرفة، وفرضت الزكاة الفطر ثم كانت غزوة بدر الكبرى وكانت ابتداء المعركة صباح اليوم السابع عشر من رمضان فقتل من المشركين 70 سبعين وأسر سبعين واستشهد من الصحابة 14 رجلاً من المسلمين ثمان من الأنصار وستة من المهاجرين، وكذلك أجلى اليهود من المدينة بعدما نقضوا عهدهم مع الرسول (ص).
السنة الثالثة للهجرة:
أبرز ما وقع في هذه السنة غزوة أحد وغزوة حمراء الأسد
السنة الرابعة للهجرة:
حصلت فيها مأساتان موجعتان، مأساة الرجيع ومأساة بئر معونه، ثم إجلاء بني النضير (غزوة بني النضير)، ثم غزوة ذات الرقاع، ثم غزوة بدر الأخرة ثم شرعت في غزوة ذات الرقاع (صلاة الخوف) وقد صلى(ص) بالمسلمين، ثم حرمت في هذه السنة الخمر وقد جرى تحريمها على مراحل وكان آخرها قوله سبحانه وتعالى: ” يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون”[17].
السنة الخامسة للهجرة:
غزوة بني المصطلق، ثم كانت في هذه السنة حادثة الإفك وكانت محنة خطيرة للمسلمين، ثم كانت غزوة الخندق انهزم المشركون أخيراً بفضل من الله عز وجل، ثم كانت غزوة بني قريظة وفيها توفي الصحابي سعد بن معاذ> وقال الرسول(ص) في جنازته:” لقد شيعه سبعون ألفاً من الملائكة “.
السنة السادسة للهجرة:
كان في هذه السنة صلح الحديبية ثم كانت بيعة الرضوان، ثم كان غزوة خيبر، ثم كانت صفية بنت حيي بن أخطب في السبايا وقد قتل أبوها وزوجها، وكان أبوها زعيم بني النضير فاعتقها الرسول(ص) وأكرمها وتزوجها.
السنة السابعة للهجرة:
في هذه السنة خطب(ص) رملة بنت أبي سفيان وكانت رملة من المهاجرات إلى الحبشة، ثم كان في هذه السنة مراسلات الملوك، كتب إلى الملوك يدعوهم إلى الإسلام، ثم كانت عمرة القضاء وكانت معرضاً إسلامياً ناجحاً في قلب عاصمة المشركين فقذف في القلوب والنفوس الرعب والحب وجاءت ثمراته بعد حين[18].
السنة الثامنة للهجرة:
في هذه السنة كان إسلام خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعثمان بن طلحة }، ثم كانت غزوة مؤتة (تسمى اليوم الكرك) ولم يشهدها الرسول للظروف التي أحاطت بها، ولضخامة جيش الروم فيها.ثم كان في هذه السنة نقض صلح الحديبية، ثم فتح مكة حيث دخل الرسول الأعظم(ص) مكة مهللاً ملبياً يقرأ سورة الفتح ” إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً” وبلغ الكعبة فاستلم الحجر وطاف بالبيت، ثم كانت غزوة هوازن (حنين) وحصار الطائف في شوال.
السنة التاسعة للهجرة:
كان فيها عام الوفود وسمي بذلك لكثرة ما جاء النبي(ص) فيه من وفود تعلن إسلامها، ثم كانت غزوة تبوك في رجب، ثم شهد هذا العام موت رأس المنافقين وزعيمهم عبد الله بن أبي سلول بعد تسع سنوات من النفاق المر ومعاداة الرسول(ص) والرسالة، ثم أمر(ص) أبا بكر بالحج بالناس هذا العام لقدوة المسلمين وكان ذلك تعليماً للمسلمين أصول المناسك وكيفية أدائها وتمهيداً لحجة الوداع التي كان قائدها الرسول (ص)
السنة العاشرة للهجرة:
ظهر في هذه السنة ثلاثة من الكذابين الذين ادعوا النبوة:
مسيلمة الكذاب: وهو من اليمامة (أرض نجد) من بني حنفية
سجاح التميمية: وتزوجت من مسيلمة الكذاب واجتمعا معاً على حرب الرسول (ص)
الأسود العنسي: وظهر في اليمن ولكن المسلمون قتلوه قبيل وفاة الرسول (ص) وقد أخبر (ص) بمقتل الأسود ساعة وقوعه وكان ذلك من معجزاته[19].
أخبر الرسول (ص) عائشة فقال:” إن جبريل كان يعارضني القرآن في كل رمضان مرة، وأنه عارضني في هذا العام مرتين وما أراه إلا قد حضر أجلي”.
حجة الوداع:
خرج النبي في الرابع والعشرين من ذي القعدة وأحرم بالناس من ذي الحليفة وبلغ الحجيج 124 ألفاً وفي عرفات قام(ص) خطيباً في الناس خطبة الوداع ونزل يومئذ قوله سبحانه وتعالى: ” اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً”، وفاضت عين الرسول (ص) وأحس الناس بأنها كلمات مودع وكان يوماً مشهوداً، وبعد أن أتم (ص) مناسك الحج عاد إلى المدينة المنورة في أواخر ذي الحجة بعد أن طوى عامه العاشر فيها.
السنة الحادية عشر للهجرة:
جهز النبي(ص) أسامة> وخرج الجيش وعسكر قريباً من المدينة لكن الرسول(ص) ثقل واشتد به المرض فأقام أسامة ينتظر ثم عاد إلى المدينة.
مرض الرسول (ص) ووفاته:
لما اشتد المرض على رسول الله(ص) استأذن أزواجه أن يمرض عند عائشة(ر) وكان(ص) حريصاً أن يصلي بالناس رغم مرضه ولم يزل على ذلك حتى غلبه المرض وأعجزه عن الخروج فقال:”مروا أبا بكر فليصل بالناس”، فصل بهم أبو بكر> سبع عشرة مرة، ولما كان يوم الأثنين الأخير يبشر بشفائه، ولكنها كانت صحوة الموت (ص107)، ثم ثقل به المرض فاضجع في حجر عائشة وثوى رأسه الشريف على كتفها واشتد به النزع وكان آخر ما سمع من كلامه:” الصلاة الصلاة- وما ملكت أيمانكم، استوصوا بالنساء خيراً” ثم تحرك فمه بآخر كلمة سمعت منه” بل الرفيق الأعلى من الجنة”.
وكانت وفاته(ص) يوم الأثنين 12 ربيع الأول سنة 11هـ وقد تم غسله وتجهيزه ليلة الثلاثاء وتم دفنه مساء الثلاثاء في حجرة عائشة التي قبض فيها وكان قد أكمل ثلاثاً وستين عاماً، وبموته طويت صفحة من ثلاث وعشرين سنة من الجهاد في سبيل الله غيّرت وجه التاريخ ومضى النبي(ص) راضياً مبتسماً وعينه في الأرض على رسالته ورجاله وعينه في السماء على مقامه ومآله[20]
وفاته (ص):
توفي(ص) بالمدينة بعد أن مكث فيها عشر سنين وشهرين، وبمكة ثلاث عشر سنة، فمات عليه الصلاة والسلام يوم الأثنين مستهل ربيع الأول سنة أربع وستين من عام الفيل ومن الهجرة سنة إحدى عشر وله من العمر 63 ثلاث وستون عاماً وثلاث أشهر. ودفن(ص) في بيت السيدة عائشة(ر)، وغسلّه علي بن أبي طالب، والفضل بن العباس واحتضنه إلى صدره والعباس يصب الماء وثوبه عليه لم ينزع وصل عليه جبريل عليه السلام في ملائكة الله عز وجل ثم أهل بيته ثم الناس أفواجاً أفواجاً.
ودفن(ص) ليلة الاربعاء ثالث يوم توفي(ص) وهو يوم الأثنين، وصل عليه العباس وعلي في بني هاشم، ثم دخل المهاجرون والأنصار ثم الناس، لا يؤمهم أحد ثم النساء ثم الصبيان وكان كيوم القيام شدة وجزعاً وبكاء”[21]، إن معرفة رسول الله(ص) فريضة عينية على كل مسلم ومسلمة لأنه يتوقف عليها جملة فرائض أولها الإيمان بالله وكمال الإيمان يتوقف على كمال المعرفة وثانيها حب النبي(ص) والحب ميل قلبي لا يتم ولا يتحقق إلا بمعرفته(ص) ثالثها: اتباعه والاقتداء به، ومن أراد كمال الاتباع والاقتداء لا بد أن يتعرف على سيرته.
[1] كتاب: نيل المراد من كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد لأحمد راجح (ص 38)
[2] صحيح البخاري 8/103وفي حديث عائشة ومسلم 1759
[3] رواه الترمذي وابن ماجه وابن حيان
[4] طبقات بن سعد
[5] الحاكم المستدرك 2/603.
[6] رواه أحمد 4/127
[7] مسلم 4/1782
[8] البخاري 6/188
[9] المستدرك 3/44
[10] دلائل البيهقي 2/22
[11] البخاري 3/45
[12] سيرة ابن هشام 1/192
[13] سيرة ابن هشام 1/193
[14] البخاري1/3
[15] (مجمع الزوائد3/283)
[16] (البخاري5/72)
[17] المائدة 90
[18] ( سيرة ابن هشام 3/434)
[19] ص 105 من بشائر الوداع)
[20] البخاري 5/189
[21] من كتاب رحمة للعالمين سيرة سيد المرسلين لمصطفى الحمصي
Pingback: عمود النسب الصحيح للصمادية - عشيرة الصمادي
Pingback: باب الأعلام والتراجم والتواريخ الهامة المرتبطة بالعائلة والطرق الصوفية - عشيرة الصمادي