الخليفة الراشدي الخامس بعد أبيه علي بن أبي طالب، السبط الشهيد أبي محمد الحسن بن علي بن أبي طالب ولد لثلاث من الهجرة وتوفي عام 52هـ وقيل 50 ودفن بالمدينة المنورة
كان(ص) يسمي الحسن شبهاً باسم ولد هارون بن عمران وكان اسم أولاده شبّر وشبر، وسماه سيدنا علي كرّم الله وجهه حرباً فسماه (ص) الحسن.
أمه فاطمة بنت النبي (ص) وهو الابن البكر لفاطمة الزهراء، جدته السيدة خديجة بنت خويلد[1]
ولد لثلاث من الهجرة في 15 رمضان وعق عنه (ص) بكبش وحلق رأسه ورأس الحسين أيضاً وفي رواية أخرى ولد في للعام الثاني من الهجرة في النصف من شعبان[2]. وحين ولد جاءت به السيدة فاطمة الزهراء إلى النبي(ص) يوم السابع من مولده في خرقة من حرير الجنة، وكان جبريل قد نزل بها إلى رسول الله(ص)، فسماه حسناً وعق عنه كبشاً، سماه جده(ص) الحسن ولم يعرف ذلك الاسم في الجاهلية وتصدق بوزن شعرهما فضة على المساكين وكانت بين ولادة الحسن وعلوق فاطمة بالحسين 50 ليلة وقيل بل ولد منصرف رسول الله(ص) من برر وقيل بينهما ستة عشر شهراً، أو سبعة عشر شهراً وكان سيدنا الحسن (ر) يشبه رسول الله(ص) في نصفه الأعلى وقد ولد الحسن بن علي(ر) قبل وقعة بدر بتسعة عشر يوماً وبالميلادي 624 وتوفي670م وتوفي بالمدينة سنة تسع وأربعون 49 من الهجرة وقيل 52 هجرية وعمره ثمان وأربعون سنة 48 وقيل خمسون سنة ودفن بالبقيع. وهو اول الائمة عند الشيعة عدد أولاده 15 ولد وقيل 16 ولد منهم خمس بنات وأحد عشر ذكراً، وكان له من الذكور: زيد والحسن المثنى والحسين وطلحة واسماعيل وحمزة ويعقوب وعبد الرحمن وأبو بكر وعمر وقال الموضح النسابة عبد الله هو أبو بكر وزاد القاسم وهي زيادة صحيحة والبنات كانت: أم الحسين رملة وأم الحسن وفاطمة وأم سلمة وأم عبد الله وزاد الموضح رقية(ر) وبهذا فجملة أولاده سبعة عشر ولد، والذين أعقب منهم أربعة: زيد والحسن والحسين الأشرم وعمر أما الحسين الأشرم وعمر فقد انقرضا سريعاً وبقي عقب الحسن بن علي من رجلين لا غيرهم هما زيد والحسن المثنى
حياته(ر): كان سيدنا الإمام الحسن بن علي(ر) أعبد الناس في زمانه وأفضلهم وأعلمهم، وكان أكرم أهل البيت في زمانه وأحلم الناس، وكان من كرمه أن قدمت له جارية من جواريه طاقة ريحان، فقال لها: أنت حرة لوجه الله، ثم قال: هكذا أدبنا الله سبحانه وتعالى، ولإذا حييتم بتحية فحيوا باحسن منها أو ردوها، وكان يقول: “لو رأيت الأجل ومروره لنسيت الأمل وغروره”.
صفاته (ر): كان فوق الربعة ودون الطويل وكان مقامه على الإمرة ستة أشهر وعشرين يوماً.
وكان للحسن مناقب كثيرة وكان سيداً حكيماً ذا سكينة ووقار وحشمة جواداً ممدوحاً، يكره الفتن والسيف.
زوجاته (ر): أحصى الذهبي للحسن السبط(ر) تسع زوجات هن:
- أم كلثوم بنت الفضل بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم.
- خولة بنت منظور بن زَبّان بن سيار بن عمرو وولدت له الحسن المثنى (ر).
- أم بشير بنت أبي مسعود عقبة بن عمرو بن ثعلبة.
- جعدة بنت الأشعث بن قيس بن معدي كرب الكندي
- أم ولد تدعى بقيلة.
- أم ولد تدعى ظمياء.
- أم ولد تدعى صافية.
- أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله بنت طلحة بن عبيد الله بن عثمان التيمي القرشي.
- زينب بنت سبيع بن عبد الله أخي جرير بن عبد الله البجلي.
قال المدائني: وطلب من رجل أن ينكحه ابنته فزوجه وقال له: ” إني مزوجك وأعلم أنك قلق طلق غلق ولكنك خير الناس نسباً وأرفعهم جداً وأباً، وعن أبي عبد الله قال: ” إن الحسن بن علي طلق خمسين إمرأة فقام سيدنا علي(ر) بالكوفة فقال: “يا معشر أهل الكوفة لا تنكحوا الحسن فإنه رجل مطلاق”، فقام إليه رجل فقال: “بلى والله لننكحنه إنه ابن رسول الله(ص) وابن فاطمة(ر) فإن أعجبه أملك وإن كره طلق”، وقال: أحصي زوجات الحسن(ر) فكن سبعين امرأة، وملك مائة وستين أمة في سائر عمره وهو آخر الخلفاء الراشدين وهذا بنص جده المصطفى(ص).
فأقام بها ستة أشهر وأياماً خليفة حق وإمام عدله وصدق تحقيقاً لما أخبره النبي (ص) الخلافة بعدي ثلاثون عاماً فإن تلك الستة أشهر هي مكملة لتلك الثلاثين. بايعه أكثر من أربعين ألفاً من أهل الكوفة على الموت وأطاعه الناس وأحبوه أكثر من حبهم لأبيه وكان سيدنا الحسن(ر) يقول: ” إني لاستحي من ربي عز وجل أن ألقاه ولم أمشي إلى بيته” فمشى عشرين مرة إلى الحج في مكة من المدينة على رجليه، وكانت الجنائب تقاد معاه، وخرج من ماله لله سبحانه وتعالى مرتين وما قال قط لسائل لا.
أولاده(ر):
له اثنا عشر ولداً هم الحسن المثنى وفيه العدد والبيت وأمه خولة بنت منظور بن زبان الغزارية وزيد وله عقب كثير وأمه أم بشر بنت أبي مسعود الأنصاري البدري وعمر والحسين، أما القاسم وعبد الله ومحمد وجعفر وحمزة والعقب في الحسن المثنى وزيد ولعمر ابنه محمد بن عمر بن الحسن السبط وهو فقيه ومحدث مشهور انقرض عقبه.
فضائله والأحاديث التي وردت في حقه(ر):
أخرج الشيخان عن البراء قال: “رأيت رسول الله(ص) والحسن(ر) على عاتقه وهو يقول: اللهم إني أحبه فأحبه”.
أخرج البخاري عن أبي بكرة قال: سمعت رسول الله(ص) على المنبر والحسن إلى جنبه ينظر إلى الناس مرة وإليه مرة ويقول: “إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين”.
أخرج البخاري عن ابن عمر(ر) قال: قال النبي(ص): ” هما ريحانتاي من الدنيا يعني الحسن والحسين”.
عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله(ص): “الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة “[3].
أخرج الترمذي عن أسامة بن زيد قال: رأيت رسول الله(ص) والحسن والحسين على ركبه فقال: “هذان إبناي وإبنا ابنتي، اللهم إني أحبهما فأحبهما وأحب من يحبهما”.
وروى أحمد أن النبي(ص) قال: “من أحبني وأحب هذين يعني حسناً وحسيناً وأباهما وأمهما كان معي في درجتي يوم القيامة”، ورواه الترمذي بلفظ كان معي في الجنة.
أخرج الحاكم عن ابن عباس قال: قال رسول الله(ص) وقد حمل الحسن على رقبته، فلقيه رجل فقال ” نعم المركب ركبت يا غلام، فقال رسول الله(ص): ونعم الراكب هو”.
وأخرج الترمذي عن أنس قال: “سئل رسول الله(ص): أي أهل بيتك أحب إليك قال: الحسن والحسين”. وقال البخاري حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن منصور عن المنهال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله(ص) يعوذ الحسن والحسين ويقول: ” إن أباكما كان يعوذ بها اسماعيل واسحاق، أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة[4] ومن كل عين لامة[5]“، رواه أهل السنن من حديث منصور[6].
روى له عن النبي(ص) أحاديث وروى عنه خلائق من التابعين منهم الحسن المثنى والشعبي وربيعة بن سنان (أبو الحوراء) وأبو وائل وابن سيرين
واخرج البخاري عن أنس قال: ” لم يكن أحد أشبه بالنبي(ص) من الحسن ابن علي(ر)”.
أخرج ابن سعد عن زريق بن سواد قال: كان بين الحسن وبين مروان كلام فأقبل عليه مروان وكان أمير المدينة فجعل يغلظ له، والحسن ساكت فامتخط مروان بيمينه، فقال له الحسن: “ويحك أما علمت أن اليمين للوجه والشمال للفرج! أف لك، فسكت مروان”.
وأخرج ابن عساكر عن جويرية بنت أسماء قال: “لما مات الحسن بكى مروان في جنازته، فقال له الحسين: أتبكيه وقد كنت تجرعه ما تجرعه؟ فقال: إني كنت أفعل ذلك إلى أحلم من هذا، وأشار بيده إلى الجبل”.
وأخرج ابن سعد عن عبد الله المحض بن السن قال: ” كان حسن رجلاً كثير نكاح النساء، وكن قلما يخطين عنده، وكان قل أمرأة تزوجها إلا أحبته وصبت إليه”، ثم أرسل إلى معاوية يبذل له تسليم الأمر لما رأى من فضل حقن دماء المسلمين وإشاعة السلام وسد باب الفتنة واشترط على معاوية شروطاً أثبتها في صحيفة الانفاق، وهي أن تكون الخلافة من بعد معاوية شورى، وعلى أن لا يطالب أحداً من أهل المدينة والحجاز والعراق بشيئ مما كان أيام أبيه.
وكان أهل الكوفة من أصحابه يقولون له: ” يا عار المؤمنين، فيقول: العار خير من النار”، وقال له رجل: السلام عليك يا مذل المؤمنين، فقال: لست بمذل المؤمنين، ولكني كرهت أن أقتلكم على الملك، ثم ارتحل الحسن عن الكوفة إلى المدينة المنورة وأقام بها (ص) 252.
ومن الروايات ما قيل أنه توفي مسموماً، سمته زوجته جعدة بنت الأشعث بن قيس دس إليها يزيد بن معاوية أن تسمه فيتزوجها، ففعلت فلما مات الحسن بعثت إلى يزيد تسأله الوفاء بما وعدها، فقال: إنا لم نرضك للحسن أفنرضالك لأنفسنا، وإن الحسن لم يسم من سمه لأخيه الحسين، وكان لا يعلم يقيناً من فعل ذلك، فيخشى أن يقتل بريء بسببه.
والسبب الثاني: أن زوجته قد تزوجت بعده اثنين من أبناء الصحابة أولاهما ابن عم الحسن العباس بن عبد الله بن عباس ثم خلف عليها يعقوب بن طلحة بن عبيد الله، والأمر الذي لا يختلف عليه اثنان أن الغريب من الناس لا يأمن تلك الزوجة الخائنة التي قتلت غدراً وبدون جرم.أن يتزوجها فتقتله لاتفه سبب أو خلاف بينهما فكيف بابن العم والقريب.
في الحقيقة أن تلك الروايات هي من جملة ما دس على الصحابة وأهل البيت بغية تشويه الصورة واثبات العداوة والأحقاد بينهم ويأبى الله إلا أن يظهر صورة أمة القرآن ويظهر صفاؤها بما تحقق من أواصر النسب والمصاهرة، إضافة إلى أواصر الأخوة والإيمان والجهاد من خلال تلك القرائن والأدلة تبدو براءة جعدة زوج الحسن(ر) من تهمة دس السم تجسدها تزكية بقية أزواجها من أبناء الصحابة وأهل بيت النبوة الكرام.
قال ابن عبد البر: أنه لما احتضر الحسن (ر) قال لأخيه: يا أخي إن أباك استشرف لهذا الأمر فصرفه الله عنه ووليها أبو بكر(ر) ثم استشرف لها وصرفت عنه إلى عمر(ر) ثم لم يشك وقت الشورى أنها لا تعدوه فصرفت عنه إلى عثمان(ر) فلما قتل عثمان بويع لعلي ثم نزع حتى جرد السيف فما صفت له، وإني والله ما أرى أن يجمع الله فينا النبوة والخلافة! فلا أعرفن ما استخلفنك سفهاء الكوفة فأخرجوك وقد كنت طلبت من عائشة(ر) أن أدفن مع رسول الله فقالت نعم، فإذا مت فاطلب ذلك إليها، وما أظن القوم إلا سيمنعونك، فإن فعلوا فلا تراجعهم، فلما مات أتى الحسين(ر) إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنهة فقالت نعم وكرامة، فمنعهم مروان، فليس الحسين ومن معه السلاح حتى رده أبو هريرة، ثم دفن بالبقيع إلى جنب أمه فاطمة (ر).
ألقابه(ر):
كثيرة هي التقي الزكي والطيب والسيد والسبط والولي وكل ذلك كان يقال له ويطلق عليه وأكثر هذه الألقاب شهرة التقي وأعلاها مرتبة ما لقبه به رسول الله (ص) كما جاء في الصحيحين أنه قال: ” ابني هذا سيد”.
صفته(ر):
روي عن أنس بن مالك قال: لم يكن أحد أشبه برسول الله(ص) من الحسن بن علي(ر)[7] وعن علي بن أبي طالب(ر) قال: كان الحسن(ر) أشبه برسول الله(ص) ما بين الرأس إلى الصدر والحسين أشبه فيما كان أسفل من ذلك[8]
وروى البخاري في صحيحه: يرفعه إلى العقبة بن الحارث قال: صل أبو بكر العصر ثم خرج يمشي ومعه علي(ر) فرأى الحسن(ر) يلعب مع الصبيان فحمله أبو بكر(ر) على عاتقه وقال: بأبي شبيه بالنبي ليس شبيهاً بعلي قال: وعلي يبتسم[9] باب صفة النبي(ص) وفي رواية وعلي يضحك.
وروى مرفوعاً إلى أحمد بن محمد بن أيوب المقبري[10] قال: كان الحسن(ر) أبيض اللون مشرباً بحمرة، أدعج العينين[11] سهل الخدين دقيق المشربة ذا وقرة وكأن عنقه ابريق فضة، عظيم الكراديس، كل عظمين التقيا في مفصل كردوس نحو المنكبين والركبتين والوركين، بعيد ما بين المنكبين، ربعة ليس بالطويل ولا بالقصير مليحاً من أحسن الناس وجهاً وكان(ر) يخضب بالسواد وكان(ر) جعد الشعر حسن البدن.
كان نقش خاتمه: “العزة لله وحده” بوابه سفينه شاعرته أم سنان المدحجية معاصره معاوية بن يزيد، وروي عن الحافظ أبي نعيم فيما أورده في حليته عن أبي بكرة قال: كان النبي(ص) يصلي بنا فيجيء الحسن وهو ساجد وهو إذاك صغير فيجلس على ظهره ومرة على رقبته فيرفعه النبي رفعاً رفيقاً فلما فرغ من الصلاة، قالوا: يا رسول الله إنك (إنا رأيناك) تصنع بهذا الصبي شيئاً لا تصنعه بأحد، فقال(ص): ” إن هذا ريحانتي، وان ابني هذا سيد وعسى أن يصلح الله سبحانه وتعالى به بين فئتين من المسلمين” [12]
عبادته وزهده (ر):
في كتاب الصفوة، روى بسنده عن علي بن زيد بن جدعان أنه قال: “حج الحسن بن علي(ر) خمس عشرة حجة ماشياً على قدميه وأن النجائب لتقاد بين يديه”[13].
جوده وكرمه (ر):
فمن ذلك ما نقل عنه(ر) أنه سمع رجلاً يسأل ربه عز وجل أن يرزقه عشرة آلاف درهم فانصرف الحسن إلى منزله فبعث بها إليه[14]
من كلامه (ر):
قال: ” لا أدب لمن لا عقل له ولا مودة (مروة) لمن لا هم له ولا حياء لمن لا دين له ورأس العقل مباشرة الناس بالجميل وبالعقل تدرك الدارين جميعاً، ومن حرم العقل حرمهما جميعاً”[15]
وقال(ر): “من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه”[16] وقال: ” أحسن السؤال نصف العلم”.
خلافة الإمام الحسن(ر):
بعد أن قتل والده الإمام علي (ر) وجه عماله إلى السواد والجبل ودعا بعبد الرحمن بن ملجم فقتله، وقدم معاوية العراق، وكان سيدنا الحسن (ر) عليلاً وقد تفرّق عنه أصحابه، فلما رأى أنه لا قوة به صالح معاوية وصعد المنبر وقال: “أيها الناس، إن الله هداكم بأولنا وحقن دماءكم بآخرنا، وقد سالمت معاوية وإني أدري لعلمه فتنة لكم ومتاع إلى حين”، ودخل معاوية الكوفة بعد صلح الحسن ويقول التويجيري: بقي خليفة بالحجاز واليمن والعراق نحو سبعة أشهر تقريباً.
كان صلحه مع معاوية في ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين للهجرة، وقد روي من سيرته بجيشه في أهل العراق وسار معاوية في أهل الشام فلما ألتقى الجيشان نظر الحسن إليهم فإذا هم أمثال الجبال من الحديد فقال: ” أتقتل هؤلاء بعضهم بعضاً على ملك الدنيا لا حاجة لي به، وأرسل إلى معاوية بتسليم الخلافة له لا من قلة ولا من ذلة، وشرط عليه أن يعطيه من بيت مال المسلمين ما يحتاجه وأن لا يذكر علياً بسوء وأن يرتب له كل عام خراجاً يكفيه وأن لا يتعرض لأحد من قاتل مع علي(ر) فوفى له معاوية بما شرط وعهد إليه بالخلافة من بعده ومكنه من بيت مال المسلمين وكان فيه سبعة آلاف ألف درهم فاحتملها الحسن(ر) وتجهز بها هو وأهل بيته إلى المدينة وصار يجري عليه كل سنة ألف ألف وعاش الحسن(ر) بعدها عشر سنين.
وكادت أن تندلع الحرب بين الحسن ومعاوية وأنصاره من الشام؛ فقد سار الجيشان حتى التقيا في موضع يقال له مسكن بناحية الأنبار؛ كان حريصاً على المسلمين وعدم تفرقهم، فتنازل عن الخلافة لتكون الخلافة واحدة في المسلمين جميعاً، ولإنهاء الفتنة وإراقة الدماء. وقيل كان تسليم الحسن الأمر إِلى معاوية في ربيع الأول 41هـ، وقيل في ربيع الآخر، وقيل في جمادى الأولى وقيل سنة 40هـ؛ فلما تنازل عن الخلافة أصلح الله بذلك بين الفئتين وسمي العام الذي تنازل فيه الحسن عن الخلافة لمعاوية بعام الجماعة روى عن النبي(ص) أنه قال: “الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم يعود ملكاً عضوضاً”، فكان آخر الثلاثين يوم انحرف الناس عن الحسن وبويع معاوية[17].
وذكر ابن الأثير في كتابه الكامل في التاريخ، أن الحسن سلم الأمر إلى معاوية، لأنه لما راسله معاوية في تسليم الخلافة إليه خطب في الناس، فحمد الله وأثنى عليه وقال: “إنّا والله ما يثنينا عن أهل الشام شك ولا ندم، وإنما كنا نقاتل أهل الشام بالسلامة والصبر فشيبت السلامة بالعداوة، والصبر بالجزع، وكنتم في مسيركم إلى صفين ودينكم أمام دنياكم، وأصبحتم اليوم ودنياكم أمام دينكم، ألا وقد أصبحتم بين قتيلين: قتيل بصفين تبكون له، وقتيل بالنهروان تطلبون بثأره، وأما الباقي فخاذل، وأما الباكي فثائر، ألا وإن معاوية دعانا لأمر ليس فيه عزّ ولا نصفة، فإن أردتم الموت رددناه عليه وحاكمناه إلى الله عز وجل، بظُبي السيوف، وإن أردتم الحياة قبلناه وأخذنا لكم الرضى”. فناداه الناس من كل جانب: البقية البقية!، وأمضى الصلُح
وقال البخاري في كتاب الصلح حدثنا عبد الله بن محمد سفيان عن أبي موسى قال:
سمعت الحسن يقول: “استقبل والله الحسن بن علي معاوية بن أبي سفيان بكتائب أمثال الجبال”، فقال عمرو بن العاص: “إني لأرى كتائب لا تُولي حتى تقتل أقرانها”، فقال معاوية: “إن قتل هؤلاء هؤلاء، وهؤلاء هؤلاء من لي بأمور الناس؟ من لي بضعفتهم؟ من لي بنسائهم”، فبعث إليه رجلين من قريش من بني عبد شمس هما عبد الرحمن بن سمرة، وعبد الله بن عامر، قال: “اذهبا إلى هذا الرجل فاعرضا عليه وقولا له واطلبا إليه”، فأتياه فدخلا عليه فتكلما وقالا له وطلبا إليه.
استشهاده (ر):
طال مرض الحسن(ر) بعد قدومه المدينة المنورة من العراق حتى قيل إنه السل، ثم أنه شرب شربة عسل فمات منها، وقيل أنه سم أربع مرات فمات في آخرهن، وروى المدائني عن سلام بن مسكن عن عمران الخزاعي قال: رأى الحسن في منامه كأنه كتب على جبهته: ” قل هو الله أحد الله الصمد…” فقال أهله هذه الخلافة، فسئل سعيد بن المسيب(ر) فقال: ” يموت لأن القرآن حق، فهذا مصير إلى الحق فمات بعد ثلاثة أيام، وقيل توفي الإمام الحسن مسموماً من زوجته جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي، دس إليها يزيد أن تسمه ويتزوجها، وقيل بذل لها مائة ألف درهم، ففعلت فمرض سيدنا الحسن(ر) أربعين يوماً وجهد به أخوه الحسين(ر) أن يقول له من سممه بمن سقاه، وقال: الله أشد نقمة إن كان الذي أظن وإلا فلا يقتل بي والله بريء.
وفي رواية أخرى: “لقد سقيت السم مراراً اسقيته مثل هذه المرة وقد لفظت طائفة من كبدي فرأيتني أقبلّها بعود، فقال له الحسين(ر) أي أخ من سقاك؟، قال: وما تريد إليه ؟ تريد أن تقتله؟ قال نعم، قال: لئن كان الذي أظهر فالله أشد نقمة وإن كان غير ذلك فبل يقتل بي بريء”.
ولما حضرته الوفاة قال: ” أخرجوا فراشي إلى الصحن فأخرجوه”، فقال: ” اللهم إني أحتسب نفسي عندك فإنها أعز الأنفس علي”، ثم قال لأخيه الحسين رضي الله عنه: ” ادفنوني عند أبي – يعني المصطفى(ص)- ولكن الناس سرّاع إلى الفتنة فإن خفتم فتنة فلا تسفكو دماً ثم ادفنوني في مقابر المسلمين”، وجاءه عبد الله بن عمر فقال له: “يا أبا عبد الله (الحسين) اتق الله ولا تثر فتنة ولا تسفك الدماء وادفن أخاك إلى جنب أمه فإنه عهد إليك بذلك”، فأخذ الحسين(ر) بذلك وفعل وهو مجتهد مثاب وإلى الله المآب، ودفن عند جدته بنت أسد بقبته المشهورة وعمره سبع وأربعون سنة كان منها مع رسول الله(ص) سبع سنين، ثم مع أبيه سيدنا علي(ر) ثلاثون سنة ثم خليفة ستة أشهر، ثم تسع سنين ونصف سنة بالمدينة المنورة. وقال الواقدي: ” توفي الحسن(ر) في شهر ربيع الأول سنة تسع وأربعون للهجرة وهو ابن سبع وأربعين سنة ودفن بالبقيع وصلى عليه سعيد بن العاص”[18].
وعن ثعلبة بن مالك قال: ” شهدنا يوم مات الحسن ودفناه بالبقيع ولو طرحت إبرة ما وقعت إلا على إنسان”، ولما توفي(ر) إرتجت المدينة صياحاً فلا تلقى إلا باكياً وقام أبو هريرة في مسجد رسول الله(ص) وبكى ونادى بأعلى صوته: “يا أيها الناس مات اليوم حب رسول الله فابكوا”.
[1] كتاب النسب والمصاهرة للمدرس
[2] كتاب النسب والمصاهرة للمدرس.
[3] اخرجه الترمذي والحاكم كما اخرجه الطبراني
[4] هامة: ما كان له اسم كالحية
[5] لامة: العين المصيبة
[6] عن كتاب النسب والمصاهرة للمدرس ص 251
[7] الجامع الصحيح من سنن الترمذي الحديث 3776
[8] الجامع الصحيح من سنن الترمذي 3779
[9] صحيح البخاري 4/227
[10] ص222 كتاب الفصول المهمة في معرفة الأثمة
[11] يعني شدة السواد مع سعتها
[12] رواه أحمد بن حنبل في مسنده5/44 ورواه أبو داوود الطيالسي في مسنده 3/118 والترمذي في سننه 5/658 حديث 3773
[13] انظر ذخائر العقبى: ص137، ورواه صاحب کتاب الصفوة بسنده والجنائب جمع جنيبة أي الدابة الطائعة الّتي تقاد إلى جنب الإنسان
[14] كشف الغمة للأربيي 1/558
[15] كشف الغمة في معرفة الأئمة 1/571
[16] حلية الأولياء 3/36
[17] اخرجه ابن حبان والإمام أحمد عن سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم
[18] ذكر في كتاب النسب والمصاهرة أنه توفي في 7 صفر سنة خمسين للهجرة
وقيل أن له من الولد خمس وثلاثون ولدا، ثلاثون ابناً وخمس بنات، فأما البنات فهن: فاطمة ورقية وخديجة وقسيمة وصفية وأما البنون فهم:
- محمد الأكبر وله ولد يعرف بالرومي والأزرق كجده وله أولاد بمصر وبواسط والبصرة وبغداد
- الحسن المثنى (استشهد) وله عقب منتشر ببغداد وبلاد الشام
- جعفر (أولد بمصر)
- حمزة عقبه بنات
- فاطمة
- محمد (محمد الأصغر)
- زيد الأبلج
- أم الحسن
- أم الخير
- إسماعيل
- يعقوب
- القاسم (استشهد في كربلاء) سنة 61هـ والثلاثة الأواخر اعقبوا ولكن لم يطل لهم ذيل
- عبد الله (استشهد في كربلاء) سنة 61هـ
- حسين (حسين الأثرم له عقب)
- عبد الرحمن
- أم سلمة
- أم عبد الله
- عبد الله (عبد الله الأصغر) كان بالمدينة (وأعقب ذيلاً غيرطويل)
- عمر
- أبو بكر ( وجميع من سبق ذكرهم لم يعقبوا إلا الحسن المثنى ).
وقيل ان له ايضاً:
- عبد الله الأحول
- داود
- يحيى
- علي الأشرف الأكبر (استشهد في كربلاء) سنة 61هـ
- العباس
- يوسف
- سليمان قيل لم يعقب وقيل له ولد اسمه محمد
- علي ويكنى أبا تراب وله عقب منتشر
- موسى
- ابراهيم (أولد بالري واستشهد في كربلاء) سنة 61هـ
- علي الأصغر( كان له ابن وبنتان)
- اسحاق (له عقب)
- عيسى بن محمد
- أحمد قيل له عقب في حضرموت وغيرها منتشر جداً في الأقطار ظاهر جلي لا غبار عليه كالشمس في رابعة النهار.
- عقيل
Pingback: باب الأعلام والتراجم والتواريخ الهامة المرتبطة بالعائلة والطرق الصوفية - عشيرة الصمادي