الشيخ أحمد الصمادي بن السيد محمد بن السيد عبد الرزاق بن السيد ابراهيم بن أحمد بن داود بن محمد المعروف كأسلافه بالصمادي 1107-1195هـ/ 1695-1781م[1].
الحنفي شيخ سجادة الصمادية بدمشق وأحد رجال الدهر المشهورين، حاضر النكتة والغادرة وهو كأسلافه ابن الطريقة الصمادية وشيخها.
وكان شيخاً عاقلاً عارفاً بالأمور له خبرة واطلاع حسن العشرة، لطيف المذاكرة والمحاورة ممن أنجبهم الزمان ولد بدمشق تقريباً سنة سبع ومائة وألف 1107هـ.
ونشأ بها وكان جده يعرف بابن الواعظ لأن والده الشيخ ابراهيم كان واعظاً فقيها عالماً ناصحاً وكان إمام المقصورة بالجامع الأموي على مذهب شافعي، وكانت وفاته سنة أربع وخمسين وألف 1054هـ وترجمه الأمين المحبي في ترجمة قريبه ابراهيم بن مسلم الصمادي وكان ولده السيد عبد الرزاق نزهة النفوس مجاناً ضحاكاً بشوشاً وجمع من ذلك مالاً كثيراً وغدا في دمشق معلوماً شهيراً تستأنس به في المجالس أهلها وكان له أخ اسمه داود، حسن الخلق ويجنح للاكتساب، وكان عبد الرزاق من ملازمي كبير جند دمشق الشام محمد آغا بن سليمان الترجمان وأخصائه، ولم يزل على حالته إلى أن مات وكانت وفاته في سنة اثني عشر ومائة وألف 1112هـ. وترك ولدين محمد وعلي فكان علي صاحب خلاعة ومجون ونشأ هو وعلي آغا بن محمد آغا المذكور من حين الصبا على الوفا والصفا وارتحل للديار الرومية ومات بها.
وكان محمد وهو والد السيد المترجم ونشأ ولده هذا في بُلهينة تفسير بضم الباء وفتح اللام وكسر النون الرخيمة وسعة العيش والمؤلف استعملها في معنى البله خلاف معناها اللغوي” لم يمرح في ميدان السرور بين أخوانه وأخلائه مع طلاقة تكلم ومحاورة وإيراد نكت ومجون ونوادر تستعذب حركاته وتطرب الإخوان حين يُبدي نوادره ومضحكاته وكان أعجوبة الدهر لما جُبل عليه وأسلافه كلهم مشائخ مشهورة بالتقديم والتبجيل في المحافل لهم بين أبناء الطريق الرتبة المعلومة، ثم أن المترجم استظل برواق المولى خليل بن أسعد الصديقي قاضي دار السلطنة العلية لما كان بدمشق واختص به وكان من معدودي أتباعه وأودائه واستقام على سجادة المشيخة شريكاً لقريبه ( لولا التيفى لقلت جلت قدرته).
وعالج الدهر وعالجه وخالط الأكابر والأعيان، وحصل له الرفعة والشأن حتى دخل سلك المدرسين مع بقاء المشيخة، ولم يزل يترقى رتبة عن رتبة حتى قبل وفاته في زمن شيخ الاسلام المولى محمد أمين صالح زاده صارت له رتبة السليمانية، وتولى وظائف وتداريس وتوالي كثيرة (غنا منه أمنجة والمؤيدي باره) وعثامنه وارتحل للديار الرومية إلى اسلامبولي مراراً عديدة وتردد إلى صدور علمائها وأجلاء رؤسائها و كان له ولولده وجده في وقف السلطان ابراهيم بن أدهم قدس الله سره الكائن جهاته في قصبة جبلة بالقرب من طرابلس الشام معلوم معين، من ربع ذلك يتناولونه من المتولين على ذلك، وكان المترجم كلما عاد للاسلامبولي يزايده ويُلاقيه ويعالج على أخذ جميع التولية والسبب في ذلك انتسابهم إلى السلطان المومى إليه.فإن المترجم ولده محمد بن عبد الرزاق بن زليخا ابنة محمد بن محمد بن أحمد المرزناني الصالحي الحنبلي ترجم الأمين المحبي أخاها عبد الحق بن محمد بن محمد المذكور، ووصفه بأنه كان من مشاهير صوفية الشام مع أدب ومعارف ثم قال: “ونسبة إلى سلطان الزاهدين ابراهيم بن الأدهم (ق) فمستفيضة مشهورة وقد وقفت على كتابات لعلماء دمشق على هذه النسبة كثيرة وكانت وفاة عبد الحق في جمادى الأولى سنة سبعين وألف 1070هجرية انتهى.
أقول وقد رأيت النسبة المذكورة عند المترجم، ورأيت كتابات لصدور علماء الروم ودمشق وغير ذلك[2].
ولم يزل المترجم قائماً بخصوص ذلك الباع والذراع إلى أن غنّى له الدهر وسالمه من الخطوب وأقبل عليه بالأماني والتهاني وكان ذلك في زمن الوزير الصدر محمد راغب باشا فبواسطته ومساعدته له أبداها السلطان مصطفى خان رحمه الله سبحانه وتعالى، ووصلت لحضرته السامية وساعده المذكور في أن تكون على الذرية المرموقة إحساناً على طريقته المشروطة لتوجيه العثماني، فكتب على النسبة السلطان المذكور بخطه ووجه التولية للأولاد والذرية إحساناً وصدقة وعنونها بخطه الشريف وعمل براءة (مقصودي براق أو لملي) على موجب ذلك صاحب الترجمة، وقدم من الديار الرومية وذهب إلى قصبة جبلة وضبطها وصارت له معيشة، ولم يزل متوليها إلى أن مات وكان قديماً جده الشيخ محمد تولى التولية المذكورة في سنة سبع عشرة ومائة وألف 1117هـ ووكل بها حاكم حماة محمد باشا المعروف بابن الأرناؤود، وفي زمن الوزير عبد الفتاح باشا الموصللي والي طرابلس حصل له حقارة، وأراد المذكور أن يوقع به بطشاً وأخذ منه مبلغاً من الدراهم على طريقة الجريمة والظلم، بالجملة فإن المترجم قال مثالاً من الثروة والسعة واتساع الدائرة ما ناله أحد من أسلافه وكان في أثناء ذلك يتردد لدمشق أحياناً، وفي سنة وفاته عزم على القدوم لدمشق فلما وصل إلى منزله ( في قرية القطيفة) ناوله ساقي الحمام كأس منومة وفقد أنيسه مع خدينه، وكانت وفاته في الساعة العاشرة من ليلة الخميس سادس عشر محرم الحرام افتتاح سنة خمس وتسعين ومائة وألف 1195هـ، وحمل منها إلى دمشق ودفن يوم الخميس المذكور في تربة باب الصغير عند أسلافه خارج باب جراح بعد صلاة العصر وقد جاوز التسعين من عمره وكان كسلفه يضع العمامة الخضراء على رأسه.
وجاء في ترجمته في كتاب علماء دمشق وأعيانها في القرن الثاني عشر الهجري ما يلي:
” ولد بدمشق، وكان والده يلقب بعزرائيل، وكان جده من أعيان الشام، كما كان جده الأكبر ابراهيم واعظاً مشهوراً وإمام مقصورة الشافعية بالجامع الأموي. لازم المترجم الشيخ خليل الصديقي قاضي استانبول لما كان بدمشق واختص به وكان من اتباعه. تولى وظائف كثيرة وسافر إلى استانبول عدداً من المرات وتردد على علمائها وأعيانها، وكان له ولوالده وجده حصة في أوقاف السلطان اباهيم بن الأدهم ببلدة جبلة على ساحل الشام يأتيهم منها معلوم معين. وكان المترجم كلما سافر إلى استانبول يزيدها، وسببه انتساب اسرته إلى السلطان ابراهيم بن أدهم. ولم يزل كذلك فسافر إلى جبلة وضبط الوقف وبقي فيها حتى وفاته ونال منه الثروة والجاه مما لم ينله أحد من أسلافه وحصل فوق ذلك على رتبة السليمانية. توفي في الطريق إلى دمشق بقرية القطيفة في الساعة العاشرة من ليلة 16 محرم فحمل إلى دمشق ودفن فيها بمقبرة الباب الصغير[3].
[1] ورد في كتاب سلك الدرر 1/172 وفي علماء دمشق وأعيانها في القرن 12 هـ
[2] سلك الدرر 1/173 ومشيخة الدكدجي(خ) ق 136
[3] كتاب سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر لمؤلفه المرادي في الصفحة 1/172