
مشاهير لوبية
محمود بن ابراهيم الصمادي (أبو سميح):
شيخ الصمادية في لوبيا شيخ حافظ رحالة وعاء العلم ومعجم تراجم الرجال من مواليد لوبية سنة 1928م، ولو أنه قيد ما يعرف وما رأى من الأماكن والبلدان والبقاع في العالم العربي وخاصة بلاد الشام لكان معجماً للبلدان يقارب معجم ياقوت الحموي ويستدرك عليه، ولو صنّف كتاباً في تراجم رجال العالمين العربي والاسلامي لكان عندنا معجم أعلام يستدرك على معجم الزركلي، يحدثك عن تاريخ وجغرافية بلاد العرب والعجم، ويحد حدودها وأصول سكانها وكأنه من أهلها، بلاد الترك والفرس والأفغان والجمهوريات الاسلامية في الاتحاد السوفياتي سابقاً، وكل ذلك من ذاكرة واعية حافظة في سن السبعين من العمر المديد العامر بالاقتباس والعطاء، وكنا نجتمع مع عدد من الشباب في صباح كل يوم جمعة في بلدة داريا الشام لقراءة كتاب السيرة النبوية التي صنفها ابن هشام فيمسك كل واحد من أهل المجلس نسخته للتصحيح والتحقيق والمقابلة، وكان الشيخ أبو سميح بدون نسخة يقابل على ما في ذاكرته قبل سنوات طويلة ويصحح ما وهم فيه بعض أهل المجلس من ذاكرته فيكون ما يراه هو الصحيح بعينه، هو دائرة معارف في تراجم الرجال القدماء والمعاصرين وفي أحداث فلسطين ورجالها وأحداثها وثوراتها وفي الفقه الاسلامي وأسباب نزول القرآن وتفسيره، وفي السيرة النبوية أو أعلام الصحابة والتابعين والملل والنحل الاسلامية والمسيحية واليهودية والكتب القديمة والحديثة وقيمة مضموناتها، هاجر من بلدته لوبية سنة 1948م وعمره عشرون عاماً ولكنه يرسم لك مصور فلسطين من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال، ويقدم لك بالوصف الدقيق التفصيلي ما تعجز المصورات الجوية عن تقديمه مما يوحي لك أنه أصغر رحالة في التاريخ.
شارك في معارك الجهاد والمقاومة سنة 1948م وفي ذاكرته من أخبار الحرب والمعارك ما لا يوجد في مطولات الكتب لأنه يصف الميدان الذي شارك فيه ورآه أما الآخرون فيصفون ما روي لهم. لم يقدم الشيخ أبو سميح الصمادي للمكتبة إلا جزءاً يسيراً مما عنده، وتفرّغ للرواية أكثر من تفرغه للكتابة وحالياً في مخيم اليرموك، ويعمل وراقاً في دكانه بشارع لوبية وكان في بيته مكتبه ذاخرة بشتى فنون المعرفة يقصدها طلبة العلم والباحثون للاطلاع على نوادر الكتب والمراجع وقد قدم جميع الكتب التي كان يملكها إلى طلبة العلم في دروس الشيخ محمد راتب النابلسي، دمر بيته في بدايات الحرب في مخيم فلسطين بدمشق بسوريا فهاجر إلى القاهرة وتوفي فيها رحمه الله في 6 شباط/ فبراير 2022، ومشى ابنه خليل على خطاه حيث تخرج من جامعة دمشق ويكتب في مجلة الفيصل السعودية ويعمل مدرساً في الرياض.
