سيرة الشيخ عبد القادر الجيلاني قدّس الله سرّه

نسبه الشريف:
سيدي الباز الأشهب الشيخ الكامل والجهبذ الواصل خزينة المعارف ومرجع كل قطب وعارف ذو المقامات العالية والقدم الراسخة والتمكن التام علم الشرق أبو صالح السيد محي الدين عبد القادر الكيلاني بن السيد أبي صالح موسى بن السيد عبد الله بن السيد يحيى الزاهد بن السيد محمد بن السيد داود بن السيد موسى بن السيد عبد الله أبي المكارم بن السيد موسى الجون بن السيد عبد الله الكامل المحض بن السيد الحسن المثنى بن السيد الإمام الحسن السبط بن أمير المؤمنين سيدنا ومولانا علي بن أبي طالب زوج السيدة البتول فاطمة الزهراء بضعة رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهما فبينه وبين بضعة رسول الله صلى الله عليه وسلم احد عشر أباً
وذكر هذا النسب السخاوي في نتيجة التحقيق والحافظ شمس الدين الذهبي في تاريخه الكبير الجامع للأعيان وسبط ابن الجوزي في مرآة الزمان ونور الدين الشطنوبي في بهجته والعسقلاني في غبطته وغيرهم من الأعيان.
أما نسبه من جهة أمه فيرجع لسيدنا الحسين بن علي فأمه هي السيدة الشريفة والدرة المنيفة الحسينية أم الخير أمة الجبار فاطمة رضي الله عنها بنت السيد عبد الله الصومعي الزاهد ابن السيد أبي جمال الدين محمد ابن السيد محمود ابن السيد أبي العطا عبد الله ابن السيد كمال الدين عيسى ابن السيد الإمام أبي علاء الدين محمد الجواد ابن الإمام علي الرضا ابن الإمام موسى الكاظم ابن الإمام جعفر الصادق ابن الإمام محمد الباقر ابن الإمام علي زين العابدين ابن الإمام الهمام سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين ابن الإمام علي ابن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين، وقد تم ذكر الشيخ عبد القادر الجيلاني قدّس الله سرّه في كافة المشجرات العائلية لآل الصمادي على اختلاف ربطها بلا استثناء وذلك لسببين هامين جداً جداً وهو أن الشيخ عبد القادر الجيلاني هو خال الشيخ مسلم وقد زوّجه ابنته زينب العجمية لمّا وجد فيه من النسب الطيب والاخلاص في عبادة الله تعالى عزّ وجلّ، وبهذا يكون اتصال النسب الشريف لآل الصمادي كاملاً لثبوت نسبهم من جدهم الأول الشيخ مسلّم من جهة الأب والسيدة رقية بنت الشيخ عبد القادر الجيلاني قدّس الله سرّه من جهة الأم، وثاني الأسباب هي أن جد الصمادية الأول الشيخ مسلّم الصمادي كان من مريدي الشيخ عبد القادر الجيلاني.
الحمد لله الذي فتح لأوليائه طرق الهدى وأجرى على أيديهم أنواع الخيرات ونجاهم من الردى، فمن اقتدى بهم انتصر واهتدى ومن عرج عن طريقهم انتكس وتردى.
ما جاء في حكم التوسل بالأنبياء والأولياء؟
حكم التوسل والاستغاثة والاستعانة بهم في قضاء الحوائج الدنيوية والأخروية جائز شرعا بإجماع أهل السنة والجماعة وهم السواد الأعظم والجمهور من المسلمين وإجماعهم حجة لعصمتهم من الخطأ. فقد أخرج أحمد والطبراني عن النبي (ص) قال: سألت ربي أن لا تجتمع أمتي علي ضلالة فأعطانيها. وروي الحاكم عن ابن عباس مرفوعا: لا يجمع الله أمتي علي الضلالة أبداً وورد: ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن.
ما معنى التوسل؟ معناه التبرك بذكر أحباء الله تعالى لما ثبت أن الله يرحم العباد بسببهم فمعني التوسل بهم أن يتخذهم وسيلة أي واسطة إلي الله جل وعلا في قضاء الحوائج وحصول المطالب لكونهم أقرب إلي الله منا فهو يجيب دعاؤهم ويقبل شفاعتهم ففي الحديث القدسي عن الله تعالي قال (من عادي لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء احب إلي مما افترضته عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه) رواه البخاري في صحيحه.
ما معنى كلمة القادرية؟
هي نسبة للشيخ عبد القادر الجيلاني: وهو شيخ الاسلام تاج العارفين محيّ الدين أبو محمد السيد الشيخ عبد القادر الجيلاني بن أبو صالح موسى بن عبد الله بن موسى الجون بن عبد الله المحض بن أبي محمد الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي ولقد اقامت ذرية الامام عبد الله المحض في بغداد حتى زال الاضطهاد عن العلويين في عهد الخليفة العباسي المأمون حيث تفرق العلويون في الأمصار ومنهم ذرية الإمام عبد الله المحض، فقد هاجر بعضهم إلى الحجاز واليمن وقامت لهم امارات فيها وهم السليمانيون أولاد سليمان بن عبد الله المحض، وهاجر بعضهم إلى الغرب وقامت لهم فيه امارات لا زالت قائمة وهم الأدارسة أولاد إدريس بن عبد الله المحض وهاجر بعضهم إلى بلاد فارس ومنهم من سكن جيلان وكانت لهم الامارة الروحية فيها وهم الجونيون أولاد موسى الجون بن عبد الله المحض، سميت الأسرة العلوية التي نشأت في جيلان باسم أشراف جيلان، وقد نشأ الشيخ عبد القادر رحمه الله في كنف هذه الأسرة الطيبة فكان هذا المنشأ الكريم قاعدة لشخصية هذا الشيخ الجليل.
مولده ونشأته:
ولد العارف بالله سبحانه وتعالى الشيخ عبد القادر الجيلاني في نيف وهي قصبة من جيلان في ليلة 11\12ربيع الاخر سنة )470هـ -1077م) تقرأ بالجيم العربية كما تقرأ بالكاف الفارسية فيقال لها جيلان أو كيلان، وهي اسم لبلاد كثيرة من وراء طبرستان، ليس فيها مدن كبيرة وانما هي قرى ومروج بين الجبال.
ولا تزال كيلان محتفظة باسمها القديم وهي ولاية ايرانية تقع في جبال البروز الممتدة من الشرق إلى الغرب موازية للساحل الجنوبي من بحر قزوين، وقد نشأ الشيخ عبد القادر في أسرة كريمة جمعت شرف التقوى، فقد كان والده أبو صالح موسى على جانب كبير من الزهد وكان شعاره مجاهدة النفس وتزكيتها بالاعمال الصالحة ولذا كان لقبه بالفارسية جنكي دوست أي محب الجهاد، وكانت للشيخ موسى أخت صالحة اسمها عائشة كان الناس يستسقون بها اذا حبس عنهم المطر، وكان جده عبد الله بن يحى الزاهد من أهل الارشاد، وينتهي نسب هذه الاسرة إلى الامام عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن ابي طالب}.
أمه: أم الخير، أمة الجبار فاطمة بنت الشيخ عبد الله الصومعي الحسيني وكان لها حظ وافر من الخير والصلاة فهي إذاً متصلة بأبي عبد الله بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ر) وأمه منسوبة أيضاً وقيل أن أمه حملت به وهي بنت ستين سنة ويقال: لا تحمل لستين إلا قريشية ولا تحمل لخمسين إلى عربية، ولما أرضعته > تلقته يد الكرامة وحُف بالتوفيق من خلفه وأمامه ولم يزل قدّس الله سرّه مربى في حجر الكرم
صفاته البدنية: قال الشيخ موفق الدين بن قدامة المقدسي(ر) كان شيخنا محي الدين عبد القادر(ق) نحيف البدن، ربع القامة، عريض الصدر واللحية طيلها، أسمر، مقرون الحاجبين خفياً، ذات صوت جهور وسمت وقدروعلى علم.

سفره إلى بغداد:
وكان الشيخ الجيلاني رحمه الله قد نال قسطاً من علوم الشريعة في حداثة سنه على ايدي افراد من اسرته، فنشأ مولفا في طلب العلم وصار يبحث عن منهل عذب ينتهل منه زيادة المعرفة، فلم يجد خيراً من بغداد، التي كانت عامرة بالعلماء ومعاهد العلم، وكانت محط انظار المسلمين في مشارقهم ومغاربهم، وكان رحمه الله قد عقد العزم على المضي في طلب العلم رغم الصعوبات التي كانت تكلف الطلاب في ذلك العهد.
دخوله بغداد:
وكان الشيخ عبد القادر قدّس الله سرّه قد وصل بغداد سنة ( 488هـ -1095م) وعمره ثمانية عشر عاماً حين توفي التميمي في عهد الخليفة العباسي المستظهر بالله ابو العباس أحمد بن المقتدي بأمر الله أبو القاسم عبد الله العباسي وبعد أن استقر الشيخ عبد القادر في بغداد انتسب إلى مدرسة الشيخ أبو سعيد الُمُخَرمي التي كانت تقع في حارة باب الأزج، في أقصى الشرق من جانب الرصافة، وتسمى الأن محلة باب الشيخ، وكان العهد الذي قدم فيه الشيخ الجيلاني إلى بغداد تسوده الفوضى شملت كافة انحاء الدولة العباسية، حيث كان الصلبيون يهاجمون ثغور الشام، وقد تمكنوا من الاستيلاء على انطاكية وبيت المقدس وقتلوا فيهما خلفاً كثيراً من المسلمين ونهبوا اموالاً كثيرة، وكان السلطان التركي بركياروق قد زحف بجيش كبير يقصد بغداد ليرغم الخليفة على عزل وزيره ابن جهير فاستنجد الخليفة بالسلطان السلجوقي محمد بن ملكشاه ودارت بين السلطانين التركي والسلجوقي معارك عديدة كانت الحرب فيها سجالاً، وكلما انتصر احدهما على الآخر كانت خطبة يوم الجمعة تعقد باسمه بعد اسم الخليفة، وكانت فرقة الباطنية التي ألفها الحسن بن الصباح قد نشطت في مؤامراتها السرية واستطاعت ان تقضي على عدد كبير من أمراء المسلمين وقادتهم فجهز السلطان السلجوقي جيشا كبيراً سار به إلى ايران فحاصر قلعة اصفهان التي كانت مقرا لفرقة الباطنية وبعد حصار شديد استسلم اهل القلعة فاستولى عليها السلطان وقتل من فيها من المتمردين، وكان صدقة بن مزيد من امراء قبيلة بني اسد قد خرج بجيش من العرب والاكراد يريد الاستيلاء على بغداد فتصدى له السلطان السلجوقي بجيش كبير من السلاجقة فتغلب عليه وكان المجرمين وغيرهم من العاطلين والأشقياء ينتهزون فرصة انشغال السلاطين بالقتال فيعبثون بالأمن في المدن يقتلون الناس ويسلبون اموالهم فإذا عاد السلاطين من القتال انشغلوا بتأديب المجرمين.
طلبه للعلم
وفي غمرة هذه الفوضى كان الشيخ عبد القادر قدّس الله سرّه يطلب العلم في بغداد، وتفقه على مجموعة من شيوخ الحنابلة ومن بينهم الشيخ أبو سعيد المخرمي، فبرع في المذهب والخلاف والاصول وقرأ الأدب وسمع الحديث على ايدي كبار المحدثين، ولقد قاسى الشيخ عبد القادر ما كان يقاسيه الغرباء من طلبة العلم في ذلك العهد المضطرب من شظف العيش.وكان قدّس الله سرّه قد امضى من عمره النفيس ثلاثين عاما يدرس فيها علوم الشريعة اصولها وفروعها، وقد كابد خلال هذه الفترة الطويلة ضيق العيش ومرارة الحرمان، بيد أن العناية الإلهية كانت قد منحته عقلاً راجحاً وصبراً جميلاً وهمةً عالية، فاستطاع بهذه السجايا أن يحتمل الشدائد ويذلل الصعاب، فلم تجزع نفسه من الشدة ولم تفتر عزيمته عن المثابرة في طلب العلم.
جلوسه للوعظ
وحينما انس الشيخ ابو سعيد المخرمي من تلميذه عبد القادر غزارة العلم ووفرة الصلاح عقد له مجالس الوعظ في مدرسته بباب الأزج في بداية 521هـ فصار يعظ فيها ثلاثة أيام من كل أسبوع، بكرة الأحد وبكرة الجمعة وعشية الثلاثاء، وحينما تصدى الشيخ عبد القادر للوعظ كانت الخلافة العباسية قد آلت إلى المسترشد بن المستظهر، وكان شجاعاً بعيد الهمة، محباً للخير، أراد أن يظهر هيبة الخلافة فدعا الناس إلى الجهاد وجمع جيشا كبيراً من المتطوعين أهل الفتوة وخرج بهم لمحاربة الأمراء الأتراك الذين عاثوا في الارض فساداً، وكاد أن يخضع بشوكتهم لولا خيانة قائده السلجوقي مسعود بن ملكشاه الذي خرج عليه وهدد مؤخرته فأضطر الخليفة أن يعود بجيشه إلى بغداد، بينما كان في الطريق اغتاله أحد الباطنية فأفضت الخلافة إلى ابنه الراشد، وزحف الأمراء الأتراك بجيوشهم نحو بغداد، فحاصروها واستولوا عليها بعد قتال شديد واجتمعوا على خلع الراشد وتولية الخلافة من بعده إلى عمه (المقتفي) ونهب الأتراك دار الخلافة وتنازعوا على السلطة فدب الشقاق بينهم ونشب بينهم معارك طاحنة أضرت بالبلاد، وكانت الاضطرابات التي اجتاحت ارجاء الدولة العباسية قد أسقطت هيبتها فكثر قطاع الطرق وانتشر السلب والنهب وتنافس الامراء على الملك، وكانت المؤمرات والدسائس تدبر في البلاط العباسي وفي قصور الامراء وفي سائر انحاء الدولة، وانتشرت الفرقة والبغضاء بين الناس وصاروا يتحيزون للأمراء المتنازعين، وكلما انتصر أمير على أمير ساروا في ركاب المنتصر يمدحونه ويشتمون خصمه وأستشرى بين الناس النفاق وضعف الوازع الديني في نفوسهم، وظهر عدد من دعاة الخير يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وكان في طليعتهم الشيخ عبد القادر قدّس الله سرّه الذي استطاع بالموعظة الحسنة أن يرد كثيرا من الحكام الظالمين عن ظلمهم وأن يرد كثيرا من الضالين عن ضلالتهم، حيث كان الوزراء والأمراء والاعيان يحضرون مجالسه، فيشتد في موعظتهم حتى تنتبه أفئدتهم وتستيقظ ضمائرهم، فيتوبوا إلى الله سبحانه وتعالى ويقلعوا عن المظالم، وكانت عامة الناس اشد تأثراً بوعظه، فقد تاب على يديه اكثر من مائة الف من قطاع الطرق واهل الشقاوة، واسلم على يديه ما يزيد على خمسة الآف من اليهود والنصارى، وكان الشيخ عبد القادر قدّس الله سرّه قد حباه الله سبحانه وتعالى بشخصية فذة ونفوذ روحي فكان يسيطر على قلوب المستمعين إلى وعظه ويستهوى نفوسهم في التلذذ بحديثه، حتى انه استغرق مرة في كلامه وهو على كرسي الوعظ فانحلت طية من عمامته وهو لا يدري فألقى الحاضرون عمائهم وطواقيهم تقليداً له وهم لا يشعرون.
تصديه للتدريس
وبعد ان توفي الشيخ ابي سعيد المبارك المخرمي قاضي القضاة بباب الأزج فوضت مدرسته إلى خليفته بالحق الشيخ عبد القادر الجيلاني فجلس فيها للتدريس والفتوى، وكانت شخصيته الفذة وحبه للتعليم وصبره على المتعلمين جعلت طلاب العلم يقبلون على مدرسته اقبالاً عظيماً حتى ضاقت بهم فأضيف اليها ما جاورها من المنازل والأمكنة ما يزيد على مثلها وبذل الأغنياء أموالهم في عمارتهم وعمل الفقراء فيها بانفسهم حتى تم بناؤها سنة (528هـ -1133م). وصارت منسوبة اليه وتصدر بها للتدريس والفتوى والوعظ مع الاجتهاد في العلم والعمل، وكان الشيخ عبد القادر عالما متبصراً يتكلم في ثلاثة عشر علما من علوم اللغة والشريعة، حيث كان الطلاب يقرأون عليه في مدرسته دروساً من التفسير والحديث والمذهب والخلاف والاصول واللغة، وكان يقرأ القرآن بالقراءات وكان يفتي على مذهب الامام الشافعي والامام أحمد رحمهم الله سبحانه تعالى.
تضلعه في الكتاب والسنة
وكان الشيخ عبد القادر قدّس الله سرّه في طليعة الداعين إلى التوسع في الفهم القرآن الكريم والأحاديث النبوية والتفهم على استنباط الدلائل المتعلقة بالعقائد والأحكام الفقهية منها ولذا كان على جانب كبير من المعرفة في علوم القرآن وعلوم الحديث حتى أنه فاق علماء عصره في هذه العلوم الشريفة، ومما يدل على سعة معرفة الشيخ بالكتاب الكريم ما أخبره به الشيخ يوسف بن الإمام أبي الفرج الجوزي العلامة البغدادي الشهير فقال[1]: “قال لي الحافظ احمد البندلجي حضرة ووالدك رحمة الله تعالى يوماً مجلس عبد القادر قدّس الله سرّه فقرأ القارئ آية، فذكر الشيخ في تفسيرها وجها فقلت لوالدك اتعلم هذا الوجه؟ قال نعم، ثم ذكر الشيخ وجها اخر، فقلت لوالدك اتعلم هذا الوجه؟ قال نعم، فذكر الشيخ فيها احد عشر وجها، وانااقول لوالدك اتعلم هذا الوجه؟ وهو يقول: نعم. ثم ذكر الشيخ وجها آخر، فقلت لوالدك أتعلم هذا الوجه قال: لا حتى ذكر فيها كمال اربعين وجها يعزو كل وجه إلى قائله ووالدك يقول: لا اعرف هذا الوجه واشتد تعجبه من سعة علم الشيخ، وكان الشيخ عبد القادر قدّس الله سرّه لا يروي في كتبه وخطبه غير الاحاديث الصحيحة وكان له باع طويل في نقد الحديث وكان يشرح الحديث في معناه اللغوي، ثم ينتقل إلى شرح مغزاه، ثم ينتقل إلى استنباط المعاني الروحية منه، وهكذا كان قد جمع بين ظاهرية المحدثين وروحانية الصوفية، وكان الشيخ عبد القادر قدّس الله سرّه لا يشجع طلابه على دراسة الفلسفة او علم الكلام، لانه لا يرى انهما ليسا من العلوم الموصلة إلى الله عز وجل ثم انه يخشى ان ينصرف طلابه اليهما فيقعوا في مهاوي الاراء الفلسفية او الكلامية البعيدة عن العقيدة الشرعية.
قال الشيخ منصور بن المبارك الواسطي الواعظ: دخلت وانا شاب على الشيخ عبد القادر قدّس الله سرّه ومعي كتاب يشتمل على شيئ من الفلسفة وعلوم الروحانيات فقال لي: من دون الجماعة وقبل ان ينظر إلى كتاب او يسألني عنه، يا منصور بئس الرفيق كتابك قم فاغسله وناولني بدله كتاب فضائل القرآن لمحمد بن العريس، ولقد روى الشيخ تقي الدين بن تيمية عن الشيخ احمد الفاروقي انه سمع الشيخ شهاب الدين عمر السهرودي يقول: ” كنت قد عزمت ان اقرأ شيئأ من علم الكلام وانا متردد هل اقرأ كتاب الارشاد الامام الحرمين؟ او نهاية الاقدام للشهرستاني؟ او كتاب اخر؟ فذهبت مع خالي أبي النجيب وكان يصلي بجنب الشيخ عبد القادر، فالتفت الي الشيخ عبد القادر وقال ياعمر ماهو من زاد القبر، فعلمت انه يشير إلى دراسة علم الكلام فرجعت عنه.
كراماته قدّس الله سرّه[2]:
قال سلطان العلماء الشيخ عز الدين بن عبد العزيز بن عبد السلام السلمي الشافعي نزيل القاهرة: ” كرامات الشيخ عبد القادر (ق) ثبتت بالتواتر، وما لم يثبت بالتواتر كرامات أحد من الأولياء كثبوت كرامات الشيخ عبد القادر الجيلاني (ق) وهو من العلم والتحري فيما يقوله معروف مشهور فلا حاجة إلى شرح الحال في ذلك، ومن أحد كراماته>: أنه توضأ يوماً فبال عليه عصفور فرفع رأسه وهو طائر فوقع ميتاً فغسل ثوبه ثم باعه وتصدق بثمنه وقال هذا بهذا.
وكان أبو الفتح الهروي يقول: ” خدمت الشيخ عبد القادر (ق) أربعين سنة، فكان في مدتها يصلي الصبح بوضوء العشاء، وكان كلما أحدث جدّد في وقته وضوءه ثم يصلي ركعتين، وكان يصلي العشاء ويدخل خلوته، ولا يمكن أحد أن يدخلها معه، فلا يخرج منها إلا عند طلوع الفجر، ولقد آتاه الخليفة يريد الاجتماع به ليلاً، فلم يتيسر له الاجتماع به إلى الفجر، وقال في المنن: حُكي عنه أنه قال: “ما جلست للناس حتى سحت خمساً وعشرين سنة في البراري، وكنت آكل من نبات الأرض وأشرب من الأنهار، وكنت أصبر عن الماء السنة فأكثر، قال وأعطيت حرف كن، وأنا سائح في البرية، فكنت أجد الموائد منصوبة فآكل منها ما أشتهي، وأقطع من الجبل الحلوى وآكل، وكنت أشرب من الرمل السكر، فأضع الرمل وأصب عليه من البحر المالح وأشرب حلواً، ثم تركت ذلك أدباً مع الله تعالى”.
ومنها قال ابن الأخضر: ” كنا ندخل على الشيخ عبد القادر (ق) في الشتاء وقوة برده، وعليه قميص واحد وعلى رأسه طاقية والعرق يخرج من جسده، وحوله من يروحه بمروحة كما يكون في شدة الصيف”.
وقال أبو العباس الموصللي: “رأيت السيد عبد القادر (ق) في المنام بمدرسته، وإذا بها في مكان عظيم، متسع مد البصر وقد فرش ذلك المكان على وسعه من السندس والاستبرق، وفي ذلك المكان مشايخ البر والبحر، وفي صدرهم الشيخ عبد القادرالكيلاني (ق) ومن المشايخ من على رأسه عمامة حسب، ومنهم من فوق عمامته طرحة، ومنهم من فوق عمامته طرحتان، والشيخ عبد القادر فوق عمامته ثلاث طرحات، فقال أبو العباس: بقيت متفكراً في الطرحات ما هذا؟ فاستيقظت فإذا شيخ في حال حياته واقف على رأسي، وقال لي: يا أبا العباس: طرحة لتشريف علم الحقيقة، وطرحة الشرف النبوي، وطرحة علم الشريعة، فصرخت صرخة عظيمة من مكاشفة الشيخ عبد القادر>.
وكان كثيراً ما يذهب أيام انجذابه إلى واسط والبصرة والبطحاء، ويعود إلى البرج المعروف ببرج العجمي خلف سور بغداد، وكان ما كان عليه عظيم المجاهدة والعبادة، يتلقى علم الشريعة من الشيوخ ببغداد، ويرى ذلك سلوكاً، ولا زال على هذا الحال حتى خصته العناية وأدركته الوقاية، فأدخله الشيخ أبو سعيد المخزومي ابن المبارك المخزومي بغداد بأمر الخضر عليه السلام، وألبسه خرقته، وأقام نائباً وخليفة له، ثم بعد وفاة شيخه الشيخ أبي سعيد قوض مدرسة شيخه له وأقام فيها يعظ ويدرس، ويقود الخلق إلى الحق، ونمت بركاته، وزكت اشاراته، وحسنت عباراته وظهر أمره، وطهر سره، وصلح بياته، وطاب جنانه، وعذب لسانه، واشتهرت كراماته، وذكرت حالاته، وعلا عمله وانقطع من غير الله أمله، وانتفع به أمة من الموحدين، وسار صيته في دواوين العارفين، وعُد من أكابر هذه الطريقة وذُكر بين ملوك الميادين الحقيقة، وعظّمه رجال الوقت ونوّهوا بذكره، وأمروا بإعلاء شأنه، وتوقير قدره، تخرّج بصحبة الشيخين العارفين الجليلين المُعظمين حماد الدباس الرحبي البغدادي وأبي سعيد علي بن المبارك المخرمي المخزومي.
ما قال فيه العلماء:
وقد وضح طريقته> فقال: (لا يرى غير مولاه ولا يسمع ولا يعقل، بنعمته تنعم، وبقربه أُسعد وتزين وتشرف، وبوعده طاب وسكن وبه اطمئن .وبحديثه أنس وعن غيره استوحش ونفر وإلى ذكره التجأ وركن، وبه عز وجل وثق، وعليه توكل وبنور معرفته اهتدى وتقمص وتسربل) .
وقال عنه الإمام الشعراني: طريقته التوحيد وصفاً وحكماً وحالاً وتحقيقه الشرع ظاهراً وباطناً [3].
وقال عنه الشيخ عدي بن مسافر رحمه الله تعالى: طريقته الذبول تحت مجاري الأقدار بموافقة القلب والروح واتحاد الباطن والظاهر وانسلاخه من صفات النفس[4].
وقال عنه الشيخ بقا بن بطو رحمه الله تعالى: كانت قوة الشيخ عبد القادر الجيلاني في طريقته إلى ربه كقوى جميع أهل الطريق شدة ولزوماً وكانت طريقته التوحيد وصفاً وحكماً وحالاً .[5]
ويقول عنه الشيخ علي بن الهيتي رحمه الله تعالى : كان قدمه التفويض والموافقة مع التبرىء من الحول والقوة وكانت طريقته تجريد التوحيد وتوحيد التفريد مع الحضور في موقف العبودية لا بشيء ولا لشيء [6].
مؤلفات الشيخ عبد القادر الجيلاني:
ألف الشيخ عبد القادر الكيلاني العديد من كتب الوعظ والارشاد والتي سميت بالمكتبة القادرية.
مطبوعاته
- الغنية لطالبي طريق الحق.
- فتوح الغيب: وهو يحتوي على ثمان وسبعين موعظة مختلفة جمعت من قبل ولده الشيخ عبد الرزاق وفيها بعض المعلومات التي استخلصها من أبيه الشيخ عبد القادر الجيلاني لما كان على فراش الموت، ومنها مايخص نسبه من أبيه.
- الفتح الرباني: وهو يحتوي على اثنتين وستين موعظة ألفت خلال سنة (545-546 هـ) و(1150م-1152م).
- سر الاسرار فيما يحتاج اليه الابرار – في التصوف.
- الدلائل القادرية.
- الحديقة المصطفوية – مطبوعة بالفارسية والاردية.
- الحجة البيضاء.
- الرسالة الغوثية.
- عمدة الصالحين في ترجمة غنية الصالحين- بالتركية.
- الفيوضات الربانية في المأثر والاوراد القادرية.
- بشائر الخيرات.
مخطوطه
- الغنية لطالبي طريق الحق.
- ورد الشيخ عبد القادر الجيلاني.
- حزب لابتهال.
- كيمياء السعادة لمن أراد الحسنى وزيادة.
- جلاء الخاطر من كلام الشيخ عبد القادر.
- سر الاسرار فيما يحتاج اليه الابرار.
- تنبيه الغبي في رؤية النبي – نسخة مصورة بالفوتوغراف من مخطوطات مكتبة الفاتيكان.
- المختصر في علم الدين – نسخة مصورة بالفوتوغراف.
- مجموعة خطب.
أما مؤلفاته الاخرى التي وردت في كشف الظنون وهدية العارفين ومعجم المؤلفين وايضاح المكنون وغيرها من المراجع الاخرى فهي:
- تفسير القرآن بخط يده.
- تحفة المتقين وسبيل العارفين.
- الكبريت الاحمر في الصلاة على النبي.
- مراتب الوجود.
- مواقيت الحكم.
- الطقوس اللاهوتية.
وفاته ومرقده:
واستمر الشيخ عبد القادر قدّس الله سرّه مثابراً في دعوته إلى الله سبحانه وتعالى وجهاده في سبيله، حتى وافاه الاجل المحتوم ليلة السبت العاشر من ربيع الاخر سنة 561هـ، فرغ من تجهيزه ليلا وصلي عليه ولده عبد الوهاب في جماعة من حضر من اولاده واصحابه، ثم دفن في رواق مدرسته بباب الأزج ببغداد، ولم يفتح باب المدرسة حتى علا النهار وهرع الناس للصلاة على قبره وزيارته وكان يوما مشهودا، وبلغ تسعين سنة من عمره.
أولاده:
كان الشيخ عبد القادر قدّس الله سرّه قد انجب عددا كبيرا من الاولاد، وقيل تسع وأربعون ولد سبعة وعشرون ذكراً والباقي إناثاً، وقد عنى بتربيتهم وتهذيبهم، وتخرجوا على يديه في العلم وكان معظمهم من اكابر الفقهاء والمحدثين واشتهر منهم ثمانية، وكان في طليعتهم الشيخ عبد الوهاب الذي درس بمدرسة والده في حياته نيابة عنه، وبعد والده وعظ وافتى وتخرج عليه جماعة من الفقهاء، وكان عالما كبيرا حسن الكلام في مسائل الخلاف له لسان فصيح في الوعظ وكان ظريفا لطيفا ذا دعابة وكياسة وكانت له مروءة وسخاء وقد جعله الامام الناصر لدين الله على المظالم فكان يوصل حوائج الناس اليه، وقد توفي سنة 573هـ ودفن في رباط والده في الحلبة وكان منهم الشيخ عيسى الذي وعظ وافتى وصنف مصنفات منها كتاب جواهر الاسرار ولطائف الانوار في علم الصوفية، قدم مصر وحدث فيها ووعظ وتخرج به من اهلها غير قليل من الفقهاء، وتوفي فيها سنة 573هـ ومنهم الشيخ عبد العزيز وكان عالماً بهيا متواضعا وعظ ودرس وخرج على يديه كثير من العلماء وكان قد غزا الصلبين في عسقلان وزار القدس الشريف ورحل إلى جبال الحيال وتوفي فيها سنة 602هـ وقبره في مدينة عقره من اقضية لواء الموصل في العراق.ومنهم الشيخ عبد الجبار تفقه على والده وسمع منه وكان ذا كتابة حسنة سلك سبيل الصوفية ودفن برباط والده في الحلبة.ومنهم الشيخ عبد الرزاق وكان حافظا متقنا حسن المعرفة بالحديث فقيها على مذهب الامام احمد بن حنبل ورعا متدنيا منقطعاً في منزله عن الناس، لا يخرج الا في الجمعات مقتنعا باليسير منتفعا عما في أيدي الناس، وتوفي سنة 603هـ. ودفن بباب الحرب في بغداد ومنهم الشيخ ابراهيم تفقه على والده وسمع منه ورحل إلى واسط في العراق وتوفي بها سنة 592هـ ومنهم الشيخ يحيى وكان فقيها محدثا انتفع الناس به، ورحل إلى مصر ثم عاد إلى بغداد وتوفي فيها سنة 600هـ ودفن برباط والده في الحلبة، ومنهم الشيخ موسى تفقه على والده وسمع منه ورحل إلى دمشق وحدث فيها واستوطنها وعمر بها على يديه غير واحد من الفقهاء، ثم انه رحل إلى مصر وعاد إلى دمشق وتوفي فيها وهو اخر من مات من اولاده، ومنهم أيضاً السيدة فاطمة والتي زوجها سيدنا عبد القادر قدس الله سره من مريده وابن اخته السيد مسلم، وبهذا يكون آل الصمادية قد جمعا طرف الشرف بنسب النبي الأعظم من طرف أبيهم الشيخ مسلم وأمهم السيدة فاطمة بنت الشيخ عبد القادر الجيلاني الحسني.
المدرسة القادرية والمسجد الجامع:
ولقد امتدت ايدي التخريب والتعمير إلى مدرسة باب الازج ومسجدها مراراً عديدة خلال العصور المتعاقبة، فقد نالها التخريب على ايدي المغول عند غزو بغداد من قبلهم في القرن السابع الهجري، وعمرت بعد ذلك على ايدي من اسلم من سلاطين المغول، ونالها التخريب مرة أخرى على ايدي الصفويين من شاهات ايران بعد استيلائهم على بغداد في القرنين العاشر والحادي العشر الهجريين وعمرت بعد ذلك على ايدي السلاطين العثمانين بعد استعادتهم لبغداد من ايدي الصفويين، وقد بنيت المدرسة والمسجد مجددا واتخذا وضعهما الاخير في عهد السلطان مراد الرابع العثماني سنة 1048هـ واطلق عليها اسم جامع الشيخ عبد القادر الكيلاني.
المكتبة القادرية
مكتبة المدرسة القادرية العامة، خزانة من خزائن كتب العهد العباسي في بغداد، يرتقي تاريخها إلى أوائل القرن السادس الهجري وأوائل القرن الثاني عشر الميلادي حيث انشأت لاول مرة ضمن مدرسة علمية على المذهب الحنبلي، وكان قد وضع نواتها الاولى مؤسس المدرسة أبو سعيد المَخُرِمي وعرفت باسم مدرسة المَخُرِمي ثم زاد عليها أهل العلم من بعده، منهم أبو الحسن علي بن عساكر بن المرحب بن العوام البطائحي الذي عاش ما بين سنة (489- 572هـ) ومابين سنة (1095-1176م)، وفعل مثله الشيخ أبو الحسن أيوب الحارثي المتوفي سنة (572هـ/1176م)، وهذه المدرسة هي أقدم مدارس الحنابلة ببغداد، وأعظمها شأناً، وأكثرها أوقافا، وأطولها عمرا.وبهذا يمكننا القول بأن أول من وضع نواة هذه المكتبة هو: المبارك بن علي بن الحسن أبوسعيد المَخُرِمي ولد سنة 446هـ/ 1054م، سمع الحديث من أبي الحسين ابن المهتدي وافتى ودرس وجمع كتباً كثيرة لم يسبق ان جمع مثلها وناب في قضاء بغداد كان حسن السيرة، جميل الطريقة شديد الأقضية، بنى مدرسة بباب الأزج شرقي بغداد ثم عزل عن القضاء سنة (511هـ/1117م) وتوفي في 12 محرم سنة (513هـ/1119م) وصلي عليه في عدة مواضع ودفن قبل صلاة الجمعة إلى جانب أبي بكر الخلال قرب تربة الامام أحمد بن حنبل> بباب حرب بالجانب الغربي من بغداد ان الشيخ عبد القادر قدّس الله سرّه يعتبر المؤسس الحقيقي وواضع نواة المكتبة القادرية لما كان له من أثر بالغ في نفوس الناس واقبالهم على رفد هذه المكتبة بما لديهم من الكتب والمؤلفات والوقفيات في حياته وبعد وفاته[7].
قواعد الطريقة القادرية الصوفية:
يذكر الشيخ مخلف العلي القادري الحسيني أهم قواعد وأسس الطريقة القادرية:
الالتزام بالكتاب والسنة: يقول الشيخ عبد القادر الجيلاني: طريقتنا مبنية على الكتاب والسنة فمن خالفهما فليس منا. ويقول: اجعل الكتاب والسنة جناحيك طر بهما إلى الله
الجَـدٌ والكًـدٌ ولزوم الحَـدٍ حتى تنقد: ومعنى (جـد) الجدية في سلوك الطريق إلى الله، ومعنى (كـد) بذل الجهد والجوارح والنفس والروح في السير إلى الله بدون هوادة ولا تراخي، معنى (لزوم الحد) الالتزام بالشريعة وتحليل الحلال وتحريم الحرام والوقوف عند حدود الله وعدم تجاوزها، ومعنى (حتى تنقد) حتى تجف النفس عن المعاصي والذنوب والشهوات والملذات والأخلاق السيئة ولا يبقى فيها إلا الله جل في علاه.
الاجتماعٌ والاستماعٌ والإتباعٌ حتى يحصل الانتفاع: ومعنى هذا الاجتماع بالصالحين والعلماء والمرشدين والأخوة في الله والاستماع لهم بأدب وإتباع ما يقولون وما يأمرون من الهدي النبوي وبذلك يحصل لدينا الانتفاع والوصول لما وصلوا إليه.
الاعتقاد بشيخ الطريقة العقيدة الصحيحة: ومعنى هذا أن يحبوه ويحترموه ويقدروه ولا يهملوه ولا يعظمونه فوق الحد المطلوب ولا يغلوا في حبه ولا يعتقدوا فيه العصمة فإنه بشر يخطئ ويصيب لكنه محفوظ بعناية الله إن أخطأ سرعان ما يرجع إلى الله ويتوب إليه، يقول الشيخ عبد القادر الجيلاني في كتابه الغنية: (يا بني إياك أن تنظر إلى شيخك أنه معصوم إنما هو بشر يخطئ ويصيب فإن رأيت منه مخالفة فابحث له عن عذر شرعي فإن لم تجد له عذر فاستغفر له الله فإنه بشر يخطئ ويصيب.
حب الشيخ: لكن حب الله والرسول مقدم عليه وهو المراد الحقيقي من السير والسلوك على يد الشيخ المرشد فهو دليلنا إلى حب الله ورسوله .
كثرة الذكر لله تعالى: فالذكر هو المعراج في السير إلى الله في الطريقة القادرية، فمن أهم أعمال المريد كثرة الأذكار والمداومة عليها وعلى الاستغفار والصلاة على الرسول بالليل والنهار وبذلك يرتقي المريد في مقامات المحبة لله ولرسوله والذكر هو الوسيلة العظمى لتزكية النفس وتربيتها وتحليتها بالأخلاق المحمدية.
محبة آل البيت: وحبهم مقدم على كل من سواهم من الناس لأنهم بضعة النبي ووصيته لأمته، مع الحب والتقدير والإكبار والإجلال للصحابة وعلى رأسهم أبو بكر وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب.
حب كل الأولياء والصالحين: وحب مشايخ ومرشدين الطرق الأخرى، ولا يفرقون ولا يميزون بين طريقة وأخرى، ولا يتعصبون لطريقتهم ولا يطعنون بالطرق الأخرى التي تنهج منهج الكتاب والسنة، وذلك كله مع المحبة والتعظيم والتقدير لطريقتهم ولمشايخهم كما ينبغي أن يكون.
[1] حكاه عنه ابنه موسى كما قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله
[2] الجَـنِـيُّ الدَانِي في ذكر نبذة من مناقب القطب الرباني سيدى عبد القادر الجيلاني
[3] الطبقات الكبرى 1/129
[4] الطبقات الكبرى 1/127
[5] الطبقات الكبرى 1/ 127
[6] الطبقات الكبرى1/128
[7] المصدر: من كتاب من الاعلام الاسلام سلطان العارفين
Pingback: عمود النسب الصحيح للصمادية - عشيرة الصمادي